(قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ إِنِّي كانَ لِي قَرِينٌ (٥١) يَقُولُ أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ (٥٢) أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ (٥٣) قالَ هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ (٥٤) فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَواءِ الْجَحِيمِ) (٥٥) (قالَ تَاللهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ) (٥٦)
____________________________________
بقيت من اللذات إلا فيقبل بعضهم على بعض يتساءلون عن الفضائل والمعاف وعما جرى لهم وعليهم فى الدنيا فالتعبير عنه بصيغة الماضى للتأكيد والدلالة على تحقق الوقوع حتما (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ) فى تضاعيف محاوراتهم (إِنِّي كانَ لِي) فى الدنيا (قَرِينٌ) مصاحب (يَقُولُ) لى على طريقة التوبيخ بما كنت عليه من الإيمان والتصديق بالبعث (أَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُصَدِّقِينَ) أى بالبعث وقرىء بتشديد الصاد من التصدق والأول هو الأوفق لقوله تعالى (أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَدِينُونَ) أى لمبعوثون ومجزيون من الدين بمعنى الجزاء أو لمسوسون يقال دانه أى ساسه ومنه الحديث العاقل من دان نفسه وقيل كان رجل تصدق بماله لوجه الله تعالى فاحتاج فاستجدى بعض إخوانه فقال أين مالك قال تصدقت به ليعوضنى الله تعالى فى الآخرة خيرا منه فقال أئنك لمن المصدقين بيوم الدين أو من المتصدقين لطلب الثواب والله لا أعطيك شيئا فيكون التعرض لذكر موتهم وكونهم ترابا وعظاما حينئذ لتأكيد إنكار الجزاء المبنى على إنكار البعث (قالَ) أى ذلك القائل بعد ما حكى لجلسائه مقالة قرينه فى الدنيا (هَلْ أَنْتُمْ مُطَّلِعُونَ) أى إلى أهل النار لأريكم ذلك القرين يريد بذلك بيان صدقه فيما حكاه وقيل القائل هو الله تعالى أو بعض الملائكة يقول لهم هل تحبون أن تطلعوا على أهل النار (فَاطَّلَعَ) أى عليهم (فَرَآهُ) أى قرينه (فِي سَواءِ الْجَحِيمِ) أى فى وسطها وقرىء فأطلع على لفظ المضارع المنصوب وقرىء مطلعون فأطلع وفأطلع بالتخفيف على لفظ الماضى والمضارع المنصوب يقال طلع علينا فلان واطلع واطلع بمعنى واحد والمعنى هل أنتم مطلعون إلى القرين فأطلع أنا أيضا أو عرض عليهم الاطلاع فقبلوا ما عرضه فاطلع هو بعد ذلك وإن جعل الاطلاع متعديا فالمعنى أنه لما شرط فى إطلاعه إطلاعهم كما هو ديدن الجلساء فكأنهم مطلعوه وقيل الخطاب على هذا للملائكة وقرىء مطلعون بكسر النون أراد مطلعون إياى فوضع المتصل موضع المنفصل كقولهم [هم الفاعلون الخير والآمرونه] أو شبه اسم الفاعل بالمضارع لما بينهما من التآخى (قالَ) أى القائل مخاطبا لقرينه (تَاللهِ إِنْ كِدْتَ لَتُرْدِينِ) أى لتهلكنى بالإغواء وقرىء