(وَلَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ (٥٧) أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ (٥٨) إِلاَّ مَوْتَتَنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ (٥٩) إِنَّ هذا لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (٦٠) لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ (٦١) أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ) (٦٢)
____________________________________
لتغوين والتاء فيه معنى التعجب وإن هى المخففة من إن وضمير الشأن الذى هو اسمها محذوف واللام فارقة أى تالله إن الشأن كدت لتردين (وَلَوْ لا نِعْمَةُ رَبِّي) بالهداية والعصمة (لَكُنْتُ مِنَ الْمُحْضَرِينَ) أى من الذين أحضروا العذاب كما أحضرته أنت وأضرابك وقوله تعالى (أَفَما نَحْنُ بِمَيِّتِينَ) رجوع إلى محاورة جلسائه بعد إتمام الكلام مع قرينه تبجحا وابتهاجا بما أتاح الله عزوجل لهم من الفضل العظيم والنعيم المقيم والهمزة للتقرير وفيها معنى التعجب والفاء للعطف على مقدر يقتضيه نظم الكلام أى أنحن مخلدون منعمون فما نحن بميتين أى بمن شأنه الموت وقرىء بمائتين (إِلَّا مَوْتَتَنَا الْأُولى) التى كانت فى الدنيا وهى متناولة لما فى القبر بعد الإحياء للسؤال قاله تصديقا لقوله تعالى (لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الْأُولى) وقيل إن أهل الجنة أول ما دخلوا الجنة لا يعلمون أنهم لا يموتون فإذا جىء بالموت على صورة كبش أملح فذبح ونودى يا أهل الجنة خلود فلا موت ويا أهل النار خلود فلا موت يعلمونه فيقولون ذلك تحدثا بنعمة الله تعالى واغتباطا بها (وَما نَحْنُ بِمُعَذَّبِينَ) كالكفار فإن النجاة من العذاب أيضا نعمة جليلة مستوجبة للتحدث بها (إِنَّ هذا) أى الأمر العظيم الذى نحن فيه (لَهُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) وقيل هو من قول الله عزوجل تقريرا لقولهم وتصديقا له وقرىء لهو الرزق العظيم وهو ما رزقوه من السعادة العظمى (لِمِثْلِ هذا فَلْيَعْمَلِ الْعامِلُونَ) أى لنيل هذا المرام الجليل يجب أن يعمل العاملون لا للحظوظ الدنيوية السريعة الانصرام المشوبة بفنون الآلام وهذا أيضا يحتمل أن يكون من كلام رب العزة (أَذلِكَ خَيْرٌ نُزُلاً أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ) أصل النزل الفضل والريع فاستعير للحاصل من الشىء فانتصابه على التمييز أى أذلك الرزق المعلوم الذى حاصله اللذة والسرور خير نزلا أم شجرة الزقوم التى حاصلها الألم والغم ويقال النزل لما يقام ويهيأ من الطعام الحاضر للنازل فانتصابه على الحالية والمعنى أن الرزق المعلوم نزل أهل الجنة وأهل النار نزلهم شجرة الزقوم فأيهما خير فى كونه نزلا والزقوم اسم شجرة صغيرة الورق دفرة مرة كريهة الرائحة تكون فى تهامة سميت به الشجرة الموصوفة.