(فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ (٧٠) وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ (٧١) وَلَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ (٧٢) فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (٧٣) إِلاَّ عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ (٧٤) (وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ (٧٥) وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) (٧٦)
____________________________________
الأمر ليس لهم ما يصلح شبهة فضلا عن صلاحية الدليل (فَهُمْ عَلى آثارِهِمْ يُهْرَعُونَ) من غير أن يتدبروا أنهم على الحق أولا مع ظهور كونهم على الباطل بأدنى تأمل والإهراع الإسراع الشديد كأنهم يزعجون ويحثون حثا على الإسراع على آثارهم وقيل هو إسراع فيه شبه رعدة (وَلَقَدْ ضَلَّ قَبْلَهُمْ) أى قبل قومك قريش (أَكْثَرُ الْأَوَّلِينَ) من الأمم السالفة وهو جواب قسم محذوف وكذا قوله تعالى (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا فِيهِمْ مُنْذِرِينَ) أى أنبياء أولى عدد كثير وذوى شأن خطير بينوا لهم بطلان ما هم عليه وأنذروهم عاقبته الوخيمة وتكرير القسم لإبراز كمال الاعتناء بتحقيق مضمون كل من الجملتين (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ) من الهول والفظاعة لما لم يلتفتوا إلى الإنذار ولم يرفعوا له رأسا والخطاب إما لرسول الله صلىاللهعليهوسلم أو لكل أحد ممن يتمكن من مشاهدة آثارهم وحيث كان المعنى أنهم أهلكوا هلاكا فظيعا استثنى منهم المخلصون بقوله تعالى (إِلَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) أى الذين أخلصهم الله تعالى بتوفيقهم للإيمان والعمل بموجب الإنذار وقرىء المخلصين بكسر اللام أى الذين أخلصوا دينهم لله تعالى (وَلَقَدْ نادانا نُوحٌ) نوع تفصيل لما أجمل فيما قبل ببيان أحوال بعض المرسلين وحسن عاقبتهم متضمن لبيان سوء عاقبة بعض المنذرين حسبما أشير إليه بقوله تعالى (فَانْظُرْ كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ) كقوم نوح وآل فرعون وقوم لوط وقوم إلياس ولبيان حسن عاقبة بعضهم الذين أخلصهم الله تعالى ووفقهم للإيمان كما أشار إليه الاستثناء كقوم يونس عليهالسلام ووجه تقديم قصة نوح على سائر القصص غنى عن البيان واللام جواب قسم محذوف وكذا ما فى قوله تعالى (فَلَنِعْمَ الْمُجِيبُونَ) أى وبالله لقد دعانا نوح حين يئس من إيمان قومه بعد ما دعاهم إليه أحقابا ودهورا فلم يزدهم دعاؤه إلا فرارا ونفورا فأجبناه أحسن الإجابة فو الله لنعم المجيبون نحن فحذف ما حذف ثقة بدلالة ما ذكر عليه والجمع دليل العظمة والكبرياء (وَنَجَّيْناهُ وَأَهْلَهُ مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ) أى من الغرق وقيل من أذية قومه.