(رُدُّوها عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ (٣٣) وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ) (٣٤)
____________________________________
والتأكيد للدلالة على أن اعترافه وندمه عن صميم القلب لا لتحقيق مضمون الخبر وأصل أحببت أن يعدى بعلى لأنه بمعنى آثرت لكن لما أنيب مناب أنبت عدى تعديته وحب الخير مفعوله كأنه قيل أنبت حب الخير عن ذكر ربى ووضعته موضعه وخير المال الكثير والمراد به الخيل التى شغلته عليه الصلاة والسلام ويحتمل أنه سماها خيرا لتعلق الخير بها قال صلىاللهعليهوسلم الخير معقود بنواصى الخيل إلى يوم القيامة وقرىء إنى (حَتَّى تَوارَتْ بِالْحِجابِ) متعلق بقوله (أَحْبَبْتُ) باعتبار استمرار المحبة ودوامها حسب استمرار العرض أى أنبت حب الخير عن ذكر ربى واستمر ذلك حتى توارت أى غربت الشمس تشبيها لغروبها فى مغربها بتوارى المخبأة بحجابها وإضمارها من غير ذكر لدلالة العشى عليها وقيل الضمير الصافنات أى حتى توارت بحجاب الليل أى بظلامه (رُدُّوها عَلَيَّ) من تمام مقالة سليمان عليهالسلام ومرمى غرضه من تقديم ما قدمه ومن لم يتنبه له مع ظهوره توهم أنه متصل بمضمر هو جواب لمضمر آخر كأن سائلا قال فماذا قال سليمان عليهالسلام فقيل قال ردوها فتأمل والفاء فى قوله تعالى (فَطَفِقَ مَسْحاً) فصيحة مفصحة عن جملة قد حذفت ثقة بدلالة الحال عليها وإيذانا بغاية سرعة الامتثال بالأمر أى فردوها عليه فأخذ يمسح السيف مسحا (بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) أى بسوقها وأعناقها يقطعها من قولهم مسح علاوته أى ضرب عنفه وقيل جعل يمسح بيده أعناقها وسوقها حبالها وإعجابا بها وليس بذاك وقرىء بالسؤق على همز الواو لضمتها كما فى أدؤر وقرىء بالسؤوق تنزيلا لضمة السين منزلة ضمة الواو وقرىء بالساق اكتفاء بالواحد عن الجمع لأمن الإلباس (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ جَسَداً ثُمَّ أَنابَ) أظهر ما قيل فى فتنته عليه الصلاة والسلام ما روى مرفوعا أنه قال لأطوفن الليلة على سبعين امرأة تأتى كل واحدة بفارس يجاهد فى سبيل الله تعالى ولم يقل إن شاء الله تعالى فطاف عليهن فلم تحمل إلا امرأة واحدة جاءت بشق رجل والذى نفسى بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا فى سبيل الله فرسانا أجمعون وقيل ولد له ابن فاجتمعت الشياطين على قتله فعلم ذلك فكان يغذوه فى السحاب فما شعر به إلى أن ألقى على كرسيه ميتا فتنبه لخطئه حيث لم يتوكل على الله عز وعلا وقيل إنه غزا صيدون من الجزائر فقتل ملكها وأصاب بنتا له تسمى جرادة من أحسن الناس فاصطفاها لنفسه وأسلمت حبها وكان لا يرقا دمعها جزعا على أبيها فأمر الشياطين فمثلوا لها صورته وكانت تغدو إليها وتروح مع ولائدها يسجدون لها كعادتهن فى ملكه فأخبره آصف بذلك فكسر الصورة وعاقب المرأة ثم خرج وحده إلى فلاة وفرش له الرماد فجلس عليه تائبا إلى الله تعالى باكيا متضرعا وكانت له أم ولد يقال لها أمينة إذا دخل للطهارة أو لإصابة امرأة يعطيها خاتمة وكان ملكه فيه فأعطاها يوما فتمثل لها بصورته شيطان اسمه صخر وأخذ الخاتم فتختم به وجلس على كرسيه فاجتمع عليه الخلق ونفذ حكمه فى كل شىء إلا فى نسائه وغير سليمان