(قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٣٥) فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخاءً حَيْثُ أَصابَ (٣٦) وَالشَّياطِينَ كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ (٣٧) وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ) (٣٨)
____________________________________
عن هيئته فأتى أمينة لطلب الخاتم فأنكرته وطردته فعرف أن الخطيئة قد أدركته فكان يدور على البيوت يتكفف وإذا قال أنا سليمان حثوا عليه التراب وسبوه ثم عمد إلى السماكين ينقل لهم السمك فيعطونه كل يوم سمكتين فمكث على ذلك أربعين صباحا عدد ما عبد الوثن فى بيته فأنكر آصف وعظماء بنى إسرائيل حكم الشيطان ثم طار اللعين وقذف الخاتم فى البحر فابتلعته سمكة فوقعت فى يد سليمان فبقر بطنها فإذا هو بالخاتم فتختم به وخر ساجدا وعاد إليه ملكه وجاب صخرة لصخر فجعله فيها وسد عليه بأخرى ثم أوثقهما بالحديد والرصاص وقذفه فى البحر وعلى هذا فالجسد عبارة عن صخر سمى به وهو جسم لا روح فيه لأنه تمثل بما لم يكن كذلك والخطيئة تغافله عليه الصلاة والسلام عن حال أهله لأن اتخاذ التماثيل لم يكن محظورا حينئذ وسجود الصورة بغير علم منه لا يضره (قالَ) بدل من أناب وتفسير له (رَبِّ اغْفِرْ لِي) أى ما صدر عنى من الزلة (وَهَبْ لِي مُلْكاً لا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) لا يتسهل له ولا يكون ليكون معجزة لى مناسبة لحالى فإنه عليه الصلاة والسلام لما نشأ فى بيت الملك والنبوة وورثهما معا استدعى من ربه معجزة جامعة لحكمهما أولا ينبغى لأحد أن يسلبه منى بعد هذه السلبة أولا يصح لأحد من بعدى لعظمته كقولك لفلان ما ليس لأحد من الفضل والمال على إرادة وصف الملك بالعظمة لا أن لا يعطى أحد مثله فيكون منافسة وقيل كان ملكا عظيما فخاف أن يعطى مثله أحد فلا يحافظ على حدود الله تعالى وتقديم الاستغفار على الاستيهاب لمزيد اهتمامه بأمر الدين جريا على سنن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام والصالحين وكون ذلك أدخل فى الإجابة وقرىء لى بفتح الياء (إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ) تعليل للدعاء بالمغفرة والهبة معا لا بالأخيرة فقط فإن المغفرة أيضا من أحكام وصف الوهابية قطعا (فَسَخَّرْنا لَهُ الرِّيحَ) أى أى فذللناها لطاعته إجابة لدعوته فعاد أمره عليه الصلاة والسلام إلى ما كان عليه قبل الفتنة وقرىء الرياح (تَجْرِي بِأَمْرِهِ) بيان لتسخيرها له (رُخاءً) أى لينة من الرخاوة طيبة لا تزعزع وقيل طيعة لا تمتنع عليه كالمأمور المنقاد (حَيْثُ أَصابَ) أى حيث قصد وأراد حكى الأصمعى عن العرب أصاب الصواب فأخطأ الجواب (وَالشَّياطِينَ) عطف على الريح (كُلَّ بَنَّاءٍ وَغَوَّاصٍ) بدل من الشياطين (وَآخَرِينَ مُقَرَّنِينَ فِي الْأَصْفادِ) عطف على كل بناء داخل فى حكم البدل كأنه عليه الصلاة والسلام فصل الشياطين إلى عملة استعملهم فى الأعمال الشافة من البناء والغوص ونحو ذلك وإلى مردة قرن بعضهم مع بعض فى السلاسل لكفهم عن الشر والفساد ولعل أجسامهم شفافة فلا ترى صلبة فيمكن تقييدها ويقدرون على