(هذا عَطاؤُنا فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ بِغَيْرِ حِسابٍ (٣٩) وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ (٤٠) وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ إِذْ نادى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ وَعَذابٍ) (٤١)
____________________________________
الأعمال الصعبة وقد جوز أن يكون الإقران فى الأصفاد عبارة عن كفهم عن الشرور بطريق التمثيل والصفد القيد وسمى به العطاء لأنه يرتبط بالمنعم عليه وفرقوا بين فعليهما فقالوا صفده قيده وأصفده أعطاه على عكس وعد وأوعده وقوله تعالى (هذا) الخ إما حكاية لما خوطب به سليمان عليهالسلام مبينة لعظم شأن ما أوتى من الملك وأنه مفوض إليه تفويضا كليا وإما مقول مقدر هو معطوف على سخرنا أو حال من فاعله كما مر فى خاتمة قصة داود عليهالسلام أى وقلنا له أو قائلين له هذا الأمر الذى أعطيناكه من الملك العظيم والبسطة والتسلط على ما لم يسلط عليه غيرك (عَطاؤُنا) الخاص بك (فَامْنُنْ أَوْ أَمْسِكْ) فأعط من شئت وامنع من شئت (بِغَيْرِ حِسابٍ) حال من المستكن فى الأمر أى غير محاسب على شىء منه وإمساكه لتفويض التصرف فيه إليك على الإطلاق أو من العطاء أى هذا عطاؤنا ملتبسا بغير حساب لغاية كثرته أو صلة له وما بينهما اعتراض على التقديرين وقيل الإشارة إلى تسخير الشياطين والمراد بالمن والإمساك الإطلاق والتقييد (وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى) فى الآخرة مع ماله من الملك العظيم فى الدنيا (وَحُسْنَ مَآبٍ) هو الجنة قيل فتن سليمان عليهالسلام بعد ما ملك عشرين سنة وملك بعد الفتنة عشرين سنة وذكر الفقيه أبو حنيفة أحمد بن داود الدينورى فى تاريخه أن سليمان عليهالسلام ورث ملك أبيه فى عصر كيخسرو بن سياوش وسار من الشام إلى العراق فبلغ خبره كيخسرو فهرب إلى خراسان فلم يلبث حتى هلك ثم سار سليمان عليهالسلام إلى مرو ثم إلى بلاد الترك فوغل فيها ثم جاز بلاد الصين ثم عطف إلى أن وافى بلاد فارس فنزلها أياما ثم عاد إلى الشام ثم أمر ببناء بيت المقدس فلما فرغ منه سار إلى تهامة ثم إلى صنعاء وكان من حديثه مع صاحبتها ما ذكر الله تعالى وغزا بلاد المغرب الأندلس وطنجة وغيرهما والله تعالى أعلم (وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ) عطف على اذكر عبدنا داود وعدم تصدير قصة سليمان بهذا العنوان لكمال الاتصال بينه وبين داود عليهماالسلام وأيوب هو ابن عيص بن إسحاق* عليهالسلام (إِذْ نادى رَبَّهُ) بدل اشتمال من عبدنا وأيوب عطف بيان له (أَنِّي) بأنى (مَسَّنِيَ الشَّيْطانُ) بفتح ياء مسنى وقرىء بإسكانها وإسقاطها (بِنُصْبٍ) أى تعب وقرىء بفتح النون وبفتحتين وبضمتين* للتثقيل (وَعَذابٍ) أى ألم ووصب يريد مرضه وما كان يقاسيه من فنون الشدائد وهو المراد بالضر فى قوله (أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ) وهو حكاية لكلامه الذى ناداه به بعبارته وإلا لقيل إنه مسه الخ والإسناد إلى الشيطان إما لأنه تعالى مسه بذلك لما فعل بوسوسته كما قيل إنه أعجب بكثرة ماله أو استغاثه مظلوم فلم يغثه أو كانت مواشيه فى ناحية ملك كافر فداهنه ولم يغزه أو لامتحان صبره فيكون اعترافا بالذنب أو