(وَرَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَما يُعْلِنُونَ (٦٩) وَهُوَ اللهُ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ وَلَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٧٠) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ أَفَلا تَسْمَعُونَ (٧١) قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ أَفَلا تُبْصِرُونَ (٧٢) وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٧٣)
____________________________________
لا يبعث الله تعالى الرسل باختيار المرسل إليهم وقيل معناه ويختار الذى كان لهم فيه الخير والصلاح (سُبْحانَ اللهِ) أى تنزه بذاته تنزها خاصا به من أن ينازعه أحد أو يزاحم اختياره اختيار (وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) عن إشراكهم أو عن مشاركة ما يشركونه به (وَرَبُّكَ يَعْلَمُ ما تُكِنُّ صُدُورُهُمْ) كعداوة رسول الله صلىاللهعليهوسلم وحقدهم عليه (وَما يُعْلِنُونَ) كالطعن فيه (وَهُوَ اللهُ) أى المستحق للعبادة (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ) لا أحد يستحقها إلا هو (لَهُ الْحَمْدُ فِي الْأُولى وَالْآخِرَةِ) لأنه المولى للنعم كلها عاجلها وآجلها على الخلق كافة يحمده المؤمنون فى الآخرة كما حمدوه فى الدنيا بقولهم الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن الحمد لله الذى صدقنا وعده ابتهاجا بفضله والتذاذا بحمده (وَلَهُ الْحُكْمُ) أى القضاء النافذ فى كل شىء من غير مشاركة فيه لغيره (وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) بالبعث لا إلى غيره (قُلْ) تقريرا لما ذكر (أَرَأَيْتُمْ) أى أخبرونى (إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ اللَّيْلَ سَرْمَداً) دائما من السرد وهو المتابعة والاطراد والميم مزيدة كما فى دلامص من الدلاص يقال درع دلاص أى ملساء لينة (إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) بإسكان الشمس تحت الأرض أو تحريكها حول الأفق الغائر (مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ) صفة لإله (يَأْتِيكُمْ بِضِياءٍ) صفة أخرى له عليها يدور أمر التبكيت والإلزام كما فى قوله تعالى* (قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) وقوله تعالى (فَمَنْ يَأْتِيكُمْ بِماءٍ مَعِينٍ) ونظائرهما خلا أنه قصد بيان انتفاء الموصوف بانتفاء الصفة ولم يقل هل إله الخ لإيراد التبكيت والإلزام على زعمهم وقرىء بضئاء بهمزتين (أَفَلا تَسْمَعُونَ) هذا الكلام الحق سماع تدبر واستبصار حتى تذعنوا له وتعملوا بموجبه (قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ جَعَلَ اللهُ عَلَيْكُمُ النَّهارَ سَرْمَداً إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) بإسكانها فى وسط السماء أو بتحريكها على مدار فوق الأفق (مَنْ إِلهٌ غَيْرُ اللهِ يَأْتِيكُمْ بِلَيْلٍ تَسْكُنُونَ فِيهِ) استراحة من متاعب الأشغال ولعل تجريد الضياء عن ذكر منافعه لكونه مقصودا بذاته ظاهر الاستتباع لما نيط به من المنافع (أَفَلا تُبْصِرُونَ) هذه المنفعة الظاهرة التى لا تخفى على من له بصر (وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ) أى فى الليل (وَلِتَبْتَغُوا مِنْ