(وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ فَدَعَوْهُمْ فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ وَرَأَوُا الْعَذابَ لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ (٦٤) وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ (٦٥) فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ (٦٦) فَأَمَّا مَنْ تابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ (٦٧) وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَيَخْتارُ ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ سُبْحانَ اللهِ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٦٨)
____________________________________
ما أكرهناهم على الغى وإنما أغويناهم بطريق الوسوسة والتسويل لا بالقسر والإلجاء فغووا باختيارهم* غيا مثل غينا باختيارنا ويجوز أن يكون الذين صفة لاسم الإشارة وأغويناهم الخبر (تَبَرَّأْنا إِلَيْكَ) منهم ومما اختاروه من الكفر والمعاصى هوى منهم وهو تقرير لما قبله ولذلك لم يعطف عليه وكذا قوله تعالى (ما كانُوا إِيَّانا يَعْبُدُونَ) أى ما كانوا يعبدوننا وإنما كانوا يعبدون أهواءهم وقيل ما مصدرية متصلة بقوله تعالى (تَبَرَّأْنا) أى تبرأنا من عبادتهم إيانا (وَقِيلَ ادْعُوا شُرَكاءَكُمْ) إما تهكما بهم أو تبكيتا لهم (فَدَعَوْهُمْ) لفرط الحيرة (فَلَمْ يَسْتَجِيبُوا لَهُمْ) ضرورة عدم قدرتهم على الاستجابة والنصرة (وَرَأَوُا الْعَذابَ) قد غشيهم (لَوْ أَنَّهُمْ كانُوا يَهْتَدُونَ) لوجه من وجوه الحيل يدفعون به العذاب أو إلى الحق لما لقوا ما لقوا وقيل لو للتمنى أى تمنوا لو أنهم كانوا مهتدين (وَيَوْمَ يُنادِيهِمْ فَيَقُولُ ما ذا أَجَبْتُمُ الْمُرْسَلِينَ) عطف على ما قبله سئلوا أولا عن إشراكهم وثانيا عن جوابهم للرسل الذين نهوهم عن ذلك (فَعَمِيَتْ عَلَيْهِمُ الْأَنْباءُ يَوْمَئِذٍ) أى صارت كالعمى عنهم لا تهتدى إليهم وأصله فعموا عن الأنباء وقد عكس للمبالغة والتنبيه على أن ما يحضر الذهن يفيض عليه ويصل إليه من خارج فإذا أخطأ لم يكن له حيلة إلى استحضاره وتعدية الفعل بعلى لتضمنه معنى الخفاء والاشتباه والمراد بالأنباء إما ما طلب منهم مما أجابوا به الرسل أو جميع الأنباء وهى داخلة فيه دخولا أوليا وإذا كانت الرسل عليهم الصلاة والسلام يفوضون العلم فى ذلك المقام الهائل إلى علام الغيوب مع نزاهتهم عن غاية المسئول فما ظنك بأولئك الضلال من الأمم (فَهُمْ لا يَتَساءَلُونَ) لا يسأل بعضهم بعضا عن الجواب لفرط الدهشة أو العلم بأن الكل سواء فى الجهل (فَأَمَّا مَنْ تابَ) من الشرك (وَآمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً) أى جمع بين الإيمان والعمل الصالح (فَعَسى أَنْ يَكُونَ مِنَ الْمُفْلِحِينَ) أى الفائزين بالمطلوب عنده تعالى الناجين عن المهروب وعسى للتحقيق على عادة الكرام أو للترجى من قبل التائب بمعنى فليتوقع الإفلاح (وَرَبُّكَ يَخْلُقُ ما يَشاءُ) أن يخلقه (وَيَخْتارُ) ما يشاء اختياره من غير إيجاب عليه ولا منع له أصلا (ما كانَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ) أى التخير كالطيرة بمعنى التطير والمراد نفى الاختيار المؤثر عنهم وذلك مما لا ريب فيه وقيل المراد أنه ليس لأحد من خلقه أن يختار عليه ولذلك خلا عن العاطف ويؤيده ما روى أنه نزل فى قول الوليد بن المغيرة لو لا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم والمعنى