(إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (٦٤) قُلْ إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ وَما مِنْ إِلهٍ إِلاَّ اللهُ الْواحِدُ الْقَهَّارُ (٦٥) رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (٦٦) قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (٦٧) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (٦٨) (ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ) (٦٩)
____________________________________
(إِنَّ ذلِكَ) أى الذى حكى من أحوالهم (لَحَقٌّ) لا بد من وقوعه البتة وقوله تعالى (تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) خبر مبتدأ محذوف والجملة بيان لذلك وفى الإبهام أولا والتبيين ثانيا مزيد تقرير له وقيل بدل من محل ذلك وقيل بدل من حق أو عطف بيان له وقرىء بالنصب على أنه بدل من ذلك وما قيل من أنه صفة له فقد قيل عليه إن اسم الإشارة لا يوصف إلا بالمعرف باللام يقال بهذا الرجل ولا يقال بهذا غلام الرجل (قُلْ) أمر لرسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يقول للمشركين (إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ) من جهته تعالى أنذركم عذابه (وَما مِنْ إِلهٍ) فى الوجود (إِلَّا اللهُ الْواحِدُ) الذى لا يقبل الشركة والكثرة أصلا (الْقَهَّارُ) لكل شىء سواه (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا) من المخلوقات فكيف يتوهم أن يكون له شريك منها (الْعَزِيزُ) الذى لا يغلب فى أمر من أموره (الْغَفَّارُ) المبالغ فى المغفرة يغفر ما يشاء لمن يشاء وفى هذه النعوت من تقرير التوحيد والوعد للموحدين والوعيد للمشركين ما لا يخفى وتثنية ما يشعر بالوعيد من وصفى القهر والعزة وتقديمهما على وصف المغفرة لتوفية مقام الإنذار حقه (قُلْ) تكرير الأمر للإيذان بأن المقول أمر جليل له شأن خطير لا بد من الاعتناء به أمرا وائتمارا (هُوَ) أى ما أنبأتكم به من أنى منذر من جهته تعالى وأنه تعالى واحد لا شريك له وأنه متصف بما ذكر من الصفات الجليلة والأظهر أنه القرآن وما ذكر داخل فيه دخولا أوليا كما يشهد به آخر السورة الكريمة وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة (نَبَأٌ عَظِيمٌ) وارد من جهته تعالى وقوله تعالى (أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ) استئناف ناع عليهم سوء صنيعهم به ببيان أنهم لا يقدرون قدره الجليل حيث يعرضون عنه مع عظمته وكونه موجبا للإقبال الكلى عليه وتلقيه بحسن القبول وقيل صفة أخرى لنبأ وقوله تعالى (ما كانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى) الخ استئناف مسوق لتحقيق أنه نبأ عظيم وارد من جهته تعالى بذكر نبأ من أنبائه على التفصيل من غير سابقة معرفة به ولا مباشرة سبب من أسبابها المعتادة فإن ذلك حجة بينة دالة على أن ذلك بطريق الوحى من عند الله تعالى وأن سائر أنبائه أيضا كذلك والملأ الأعلى هم الملائكة وآدم عليهمالسلام وإبليس عليه اللعنة وقوله تعالى (إِذْ يَخْتَصِمُونَ) متعلق بمحذوف يقتضيه المقام إذ المراد نفى علمه عليه الصلاة والسلام بحالهم