(قُلِ اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (٤٦) وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (٤٧) وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (٤٨) فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ) (٤٩)
____________________________________
بين الغاية فيهما فإن الاستبشار هو أن يمتلىء القلب سرورا حتى ينبسط له بشرة الوجه والاشمئزاز أن يمتلىء غيظا وغما ينقبض منه أديم الوجه والعامل فى إذا الأولى اشمأزت وفى الثانية ما هو العامل فى إذا المفاجأة تقديره وقت ذكر الذين من دونه فاجأوا وقت الاستبشار (قُلِ اللهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) أى التجىء إليه تعالى بالدعاء لما تحيرت فى أمر الدعوة وضجرت من شدة شكيمتهم* فى المكابرة والعناد فإنه القادر على الأشياء بجملتها والعالم بالأحوال برمتها (أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) أى حكما يسلمه كل مكابر معاند ويخضع له كل عات مارد وهو العذاب الدنيوى أو الأخروى وقوله تعالى (وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً) الخ كلام مستأنف مسوق لبيان آثار الحكم الذى استدعاه النبى صلىاللهعليهوسلم وغاية شدته وفظاعته أى لو أن لهم جميع ما فى الدنيا من الأموال والذخائر (وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ) أى لجعلوا كل ذلك فدية لأنفسهم من العذاب* الشديد وهيهات ولات حين مناص وهذا كما ترى وعيد شديد وإقناط كلما لهم من الخلاص (وَبَدا لَهُمْ مِنَ اللهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ) أى ظهر لهم من فنون العقوبات ما لم يكن فى حسابهم وهذه غاية من الوعيد لا غاية وراءها ونظيره فى الوعد قوله تعالى (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) (وَبَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا) سيئات أعمالهم أو كسبهم حين تعرض عليهم صحائفهم (وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) أى أحاط بهم جزاؤه (فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا) إخبار عن الجنس بما يفعله غالب أفراده والفاء لترتيب ما بعدها من المناقضة والتعكيس على مامر من حالتيهم القبيحتين وما بينهما اعتراض مؤكد للإنكار عليهم أى إنهم يشمئزون عن ذكر الله تعالى وحده ويستبشرون بذكر الآلهة فإذا مسهم ضر* دعوا من اشمأزوا عن ذكره دون من استبشروا بذكره (ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا) أعطيناه إياها تفصلا فإن التخويل مخص به لا يطلق على ما أعطى جزاء (قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى عِلْمٍ) أى على علم منى بوجوه كسبه أو بأبى أعطاه لما لى من الاستحقاق أو على علم من الله تعالى بى وباستحقاقى والهاء لما إن جعلت موصولة وإلا فلنعمة والتذكير لما أن المراد شىء؟؟؟ بنعمة (بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ) أى محنة وابتلاء له أيشكر