(قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ (٦٤) وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (٦٥) بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (٦٦) وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (٦٧)
____________________________________
ومتصرف فيها كيفما يشاء بالإحياء والإماتة بيده مقاليد العالم العلوى والسفلى والذين كفروا بآياته التكوينية المنصوبة فى الآفاق والأنفس والتنزيلية التى من جملتها هاتيك الآيات الناطقة بذلك هم الخاسرون خسرانا لا خسار وراءه هذا وقيل هو متصل بقوله تعالى (وَيُنَجِّي اللهُ) وما بينهما اعتراض فتدبر (قُلْ أَفَغَيْرَ اللهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ) أى أبعد مشاهدة هذه الآيات غير الله أعبد وتأمرونى اعتراض للدلالة على أنهم أمروه به عقيب ذلك وقالوا استلم بعض آلهتنا نؤمن بإلهك لفرط غباوتهم ويجوز أن ينتصب غير بما يدل عليه تأمرونى أعبد لأنه بمعنى تعبدوننى وتقولون لى اعبد على أن أصله تأمروننى أن أعبد فحذف أن ورفع ما بعدها كما فى قوله[ألا أيهذا الزاجرى أحضر الوغى * وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدى] ويؤيده قراءة أعبد بالنصب وقرىء تأمروننى بإظهار النونين على الأصل وبحذف الثانية (وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ) أى من الرسل عليهمالسلام (لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ) كلام وارد على طريقة الفرض لتهييج الرسل وإقناط الكفرة والإيذان بغاية شناعة الإشراك وقبحه وكونه بحيث ينهى عنه من لا يكاد يمكن أن يباشره فكيف بمن عداه وإفراد الخطاب باعتبار كل واحد واللام الأولى موطئة للقسم والأخريان للجواب وإطلاق الإحباط يحتمل أن يكون من خصائصهم عند الإشراك لأن الإشراك منهم أشد وأقبح وأن يكون مقيدا بالموت كما صرح به فى قوله تعالى (وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كافِرٌ فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) وعطف الخسران عليه من عطف المسبب على السبب (بَلِ اللهَ فَاعْبُدْ) رد لما أمروه به ولو لا دلالة التقديم على القصر لم يكن كذلك (وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ) إنعامه عليك وفيه إشارة إلى ما يوجب الاختصاص ويقتضيه (وَما قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ) ما قدروا عظمته تعالى فى أنفسهم حق عظمته حيث جعلوا له شريكا ووصفوه بما لا يليق* بشئونه الجليلة وقرىء بالتشديد (وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ) تنبيه على غاية عظمته وكمال قدرته وحقارة الأفعال العظام التى تتحير فيها الأوهام بالنسبة إلى قدرته تعالى ودلالة على أن تخريب العالم أهون شىء عليه على طريقة التمثيل والتخييل من غير اعتبار القبضة واليمين حقيقة ولا مجازا كقولهم شابت لمة الليل والقبضة المرة من القبض أطلقت بمعنى القبضة وهى المقدار