(وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ (٦٠) وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ (٦١) اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ (٦٢) لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) (٦٣)
____________________________________
وفضله عنه لما أن تقديمه يفرق القرائن وتأخير المردود يخل بالترتيب الوجودى لأنه يتحسر بالتفريط ثم يتعلل بفقد الهداية ثم يتمنى الرجعة وهو لا يمنع تأثير قدرة الله تعالى فى فعل العبد ولا ما فيه من إسناد الفعل إليه كما عرفت وتذكير الخطاب باعتبار المعنى وقرىء بالتأنيث (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ) بأن وصفوه بما لا يليق بشأنه كاتخاذ الولد (وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) بما ينالهم من الشدة أو بما يتخيل عليها من ظلمة الجهل والجملة حال قد اكتفى فيها بالضمير عن الواو على أن الرؤية بصرية أو مفعول ثان لها على أنها عرفانية (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً) أى مقام (لِلْمُتَكَبِّرِينَ) عن الإيمان والطاعة وهو تقرير لما قبله من رؤيتهم كذلك (وَيُنَجِّي اللهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا) الشرك والمعاصى أى من جهنم وقرىء ينجى من الإنجاء (بِمَفازَتِهِمْ) مصدر ميمى إما من فاز بالمطلوب أى ظفر به والباء متعلقة بمحذوف هو حال من الموصول مفيدة لمقارنة تنجيتهم من العذاب لنيل الثواب أى ينجيهم الله تعالى من مثوى المتكبرين ملتبسين بفوزهم بمطلوبهم الذى هو الجنة وقوله تعالى (لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) إما حال أخرى من الموصول أو* من ضمير مفازتهم مفيدة لكون نجاتهم أو فوزهم بالجنة غير مسبوقة بمساس العذاب والحزن وإما من فاز منه أى نجا منه والباء للملابسة وقوله تعالى (لا يَمَسُّهُمُ) إلى آخره تفسير وبيان لمفازتهم أى ينجيهم الله تعالى ملتبسين بنجاتهم الخاصة بهم أى بنفى السوء والحزن عنهم أو للسببية إما على حذف المضاف أى ينجيهم بسبب مفازتهم التى هى تقواهم كما يشعر به إيراده فى حيز الصلة وإما على إطلاق المفازة على سببها الذى هو التقوى وليس المراد نفى دوام المساس والحزن بل دوام نفيهما كما مر مرارا (اللهُ خالِقُ كُلِّ شَيْءٍ) من خير وشر وإيمان وكفر لكن لا بالجبر بل بمباشرة الكاسب لأسبابها (وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ) يتولى التصرف فيه كيفما يشاء (لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) لا يملك أمرها ولا يتمكن من التصرف فيها غيره وهو عبارة عن قدرته تعالى وحفظه لها وفيها مزيد دلالة على الاستقلال والاستبداد لأن الخزائن لا يدخلها ولا يتصرف فيها إلا من بيده مفاتيحها وهو جميع مقليد أو مقلاد من قلدته إذا ألزمته وقيل جمع أقليد معرب كليد على الشذوذ كالمذاكير وعن عثمان رضى الله عنه أنه سأل النبى صلىاللهعليهوسلم عن المقاليد فقال صلىاللهعليهوسلم تفسيرها لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله وبحمده وأستغفر الله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلى العظيم هو الأول والآخر والظاهر والباطن بيده الخير يحيى ويميت وهو على كل شىء قدير والمعنى على هذا أن لله هذه الكلمات يوحد بها ويمجد وهى مفاتيح خير السموات والأرض من تكلم بها أصابه (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ) متصل بما قبله والمعنى أن الله تعالى خالق لجميع الأشياء*