(وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (٥٤) وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (٥٥) أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى عَلى ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (٥٦) أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (٥٧) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (٥٨) بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) (٥٩)
____________________________________
الضمير لدلالته على أنه المستغنى والمنعم على الإطلاق والتأكيد بالجميع وما روى من أسباب النزول الدالة على ورود الآية فيمن تاب لا يقتضى اختصاص الحكم بهم ووجوب حمل المطلق على المقيد فى كلام واحد مثل أكرم الفضلاء أكرم الكاملين غير مسلم فكيف فيما هو بمنزلة كلام واحد ولا يخل بذلك الأمر بالتوبة والإخلاص فى قوله تعالى (وَأَنِيبُوا إِلى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) إذ ليس المدعى أن الآية تدل على حصول المغفرة لكل أحد من غير توبة وسبق تعذيب لتغنى عن الأمر بهما وتنافى الوعيد بالعذاب (وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ) أى القرآن أو المأمور به دون المنهى عنه أو العزائم دون الرخص أو الناسخ دون المنسوخ ولعله ما هو أنجى وأسلم كالإنابة والمواظبة على الطاعة (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ) بمجيئه لتتداركوا وتتأهبوا له (أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ) أى كراهة أن تقول والتنكير للتكثير كما فى قوله تعالى (عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ) فإنه مسلك ربما يسلك عند إرادة التكثير والتعميم وقد مر تحقيقه فى مطلع سورة الحجر (يا حَسْرَتى) بالألف بدلا من ياء الإضافة وقرىء يا حسرتاه بهاء السكت وقفا وقرىء يا حسرتاى بالجمع بين العوضين وقرىء يا حسرتى على الأصل أى احضرى فهذا أوان حضورك (عَلى ما فَرَّطْتُ) أى على تفريطى وتقصيرى (فِي جَنْبِ اللهِ) أى جانبه وفى حقه وطاعته وعليه قول من قال[أما تتقين الله فى جنب وامق * له كبد حرى وعين ترقرق] وهو كناية فيها مبالغة وقيل فى ذات الله على تقدير مضاف كالطاعة وقيل فى قربه من قوله تعالى (وَالصَّاحِبِ بِالْجَنْبِ) وقرىء فى ذكر الله (وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ) أى المستهزئين بدين الله تعالى وأهله ومحل الجملة النصب على الحال أى فرطت وأنا ساخر (أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللهَ هَدانِي) بالإرشاد إلى الحق (لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) الشرك والمعاصى (أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً) رجعة إلى الدنيا (فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) فى العقيدة والعمل وأو للدلالة على أنها لا تخلو عن هذه الأقوال تحسرا وتحيرا وتعللا بما لا طائل تحته وقوله تعالى (بَلى قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ) رد من الله تعالى عليه لما تضمنه قوله (لَوْ أَنَّ اللهَ هَدانِي) من معنى النفى