(وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ بِالْأَمْسِ يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا لَخَسَفَ بِنا وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ (٨٢) تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلا فَساداً وَالْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (٨٣) مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ خَيْرٌ مِنْها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ إِلاَّ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٨٤)
____________________________________
عنه فاعتزلوا جميعا غير رجلين ثم قال يا أرض خذيهم فأخذتهم إلى الركب ثم قال خذيهم فأخذتهم إلى الأوساط ثم قال خذيهم فأخذتهم إلى الأعناق وهم يناشدونه عليه الصلاة والسلام بالله تعالى وبالرحم وهو لا يلتفت إليهم لشدة غيظه ثم قال خذيهم فانطبقت عليهم فأصبحت بنو إسرائيل يتناجون بينهم إنما دعا عليه موسى عليه الصلاة والسلام ليستبد بداره وكنوزه فدعا الله تعالى حتى خسف بداره وأمواله (فَما كانَ لَهُ مِنْ فِئَةٍ) جماعة مشفقة (يَنْصُرُونَهُ مِنْ دُونِ اللهِ) بدفع العذاب عنه (وَما كانَ مِنَ المُنْتَصِرِينَ) أى الممتنعين منه بوجه من الوجوه يقال نصره من عدوه فانتصر أى منعه فامتنع (وَأَصْبَحَ الَّذِينَ تَمَنَّوْا مَكانَهُ) منزلته (بِالْأَمْسِ) منذ زمان قريب (يَقُولُونَ وَيْكَأَنَّ اللهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ وَيَقْدِرُ) أى يفعل كل واحد من البسط والقدر بمحض مشيئته لا لكرامة توجب البسط ولا لهوان يقتضى القبض وويكأن عند البصريين مركب من وى للتعجيب وكأن للتشبيه والمعنى ما أشبه الأمر أن الله يبسط الخ وعند الكوفيين من ويك بمعنى ويلك وأن وتقديره ويك أعلم أن الله وإنما يستعمل عند التنبه على الخطأ والتندم والمعنى أنهم قد تنبهوا على خطئهم فى تمنيهم وتندموا على ذلك (لَوْ لا أَنْ مَنَّ اللهُ عَلَيْنا) بعدم إعطائه* إيانا ما تمنيناه وإعطائنا مثل ما أعطاه إياه وقرىء لو لا من الله علينا (لَخَسَفَ بِنا) كما خسف به وقرىء لخسف بنا على البناء للمفعول وبنا هو القائم مقام الفاعل وقرىء لا نخسف بنا كقولك انقطع به وقرىء لتخسف بنا (وَيْكَأَنَّهُ لا يُفْلِحُ الْكافِرُونَ) لنعمة الله تعالى أو المكذبون برسله وبما وعدوا من ثواب الآخرة (تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ) إشارة تعظيم وتفخيم كأنه قيل تلك التى سمعت خبرها وبلغك وصفها (نَجْعَلُها لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ) أى غلبة وتسلطا (وَلا فَساداً) أى ظلما وعدوانا على العباد كدأب فرعون وقارون وفى تعليق الموعد بترك إرادتهما لا بترك أنفسهما مزيد تحذير منهما وعن على رضى الله عنه إن الرجل ليعجبه أن يكون شراك نعله أجود من شراك نعل صاحبه فيدخل تحتها (وَالْعاقِبَةُ) الحميدة (لِلْمُتَّقِينَ) أى الذين يتقون مالا يرضاه الله تعالى من الأفعال والأقوال (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ) بمقابلتها (خَيْرٌ مِنْها) ذاتا ووصفا وقدرا (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزَى الَّذِينَ عَمِلُوا السَّيِّئاتِ) وضع فيه الموصول والظاهر موضع الضمير لتهجين حالهم بتكرير إسناد السيئة إليهم (إِلَّا ما كانُوا يَعْمَلُونَ) أى إلا مثل ما كانوا يعملون فحذف المثل وأقيم مقامه ما كانوا يعملون مبالغة فى المماثلة.