(يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ (١٦) الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ لا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) (١٧)
____________________________________
تعالى (مِنْ أَمْرِهِ) بيان للروح الذى أريد به الوحى فإنه أمر بالخير أو حال منه أى حال كونه ناشئا ومبتدأ من أمره أو صفة له على رأى من يجوز حذف الموصول مع بعض صلته أى الروح الكائن من أمره أو متعلق بيلقى ومن للسببية كالباء مثل ما فى قوله تعالى (مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ) أى يلقى الوحى بسبب أمره (عَلى مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ) وهو الذى اصطفاه لرسالته وتبليغ أحكامه إليهم (لِيُنْذِرَ) أى الله تعالى أو الملقى* عليه أو الروح وقرىء لتنذر على أن الفاعل هو الرسول صلىاللهعليهوسلم أو الروح لأنها قد تؤنث (يَوْمَ التَّلاقِ) * إما ظرف للمفعول الثانى أى لينذر الناس العذاب يوم التلاق وهو يوم القيامة لأنه يتلاقى فيه الأرواح والأجسام وأهل السموات والأرض أو هو المفعول الثانى اتساعا أو أصالة فإنه من شدة هوله وفظاعته حقيق بالإنذار أصالة وقرىء لينذر على البناء للمفعول ورفع اليوم (يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ) بدل من يوم التلاق أى خارجون من قبورهم أو ظاهرون لا يسترهم شىء من جبل أو أكمة أو بناء لكون الأرض يومئذ قاعا صفصفا ولا عليهم ثياب إنما هم عراة مكشوفون كما جاء فى الحديث يحشرون عراة حفاة غر لا وقيل ظاهرة نفوسهم لا تحجبهم غواشى الأبدان أو أعمالهم وسرائرهم (لا يَخْفى عَلَى اللهِ مِنْهُمْ شَيْءٌ) استئناف* لبيان بروزهم وتقرير له وإزاحة لما كان يتوهمه المتوهمون فى الدنيا من الاستتار توهما باطلا أو خبر ثان وقيل حال من ضمير بارزون أى لا يخفى عليه شىء ما من أعيانهم وأعمالهم وأحوالهم الجلية والخفية السابقة واللاحقة (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ) حكاية لما يقع حينئذ من السؤال والجواب بتقدير قول* معطوف على ما قبله من الجملة المنفية المستأنفة أو مستأنف يقع جوابا عن سؤال نشأ من حكاية بروزهم وظهور أحوالهم كأنه قيل فما ذا يكون حينئذ فقيل يقال الخ أى ينادى مناد لمن الملك اليوم فيجيبه أهل المحشر لله الواحد القهار وقيل المجيب هو السائل بعينه لما روى أنه يجمع الله الخلائق يوم القيامة فى صعيد واحد فى أرض بيضاء كأنها سبيكة فضة لم يعص الله فيها قط فأول ما يتكلم به أن ينادى مناد لمن الملك اليوم لله الواحد القهار وقيل حكاية لما ينطق به لسان الحال من تقطع أسباب التصرفات المجازية واختصاص جميع الأفاعيل بقبضة القدرة الإلهية (الْيَوْمَ تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ) الخ إما من تتمة الجواب لبيان حكم اختصاص الملك به تعالى ونتيجته التى هى الحكم السوى والقضاء الحق أو حكاية لما سيقوله تعالى يومئذ عقيب السؤال والجواب أى (تُجْزى كُلُّ نَفْسٍ) من النفوس البرة والفاجرة بما كسبت من خير أو شر (لا ظُلْمَ الْيَوْمَ) بنقص ثواب أو زيادة عذاب (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) أى سريع حسابه تماما إذ* لا يشغله تعالى شأن عن شأن فيحاسب الخلائق قاطبة فى أقرب زمان كما نقل عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه تعالى إذا أخذ فى حسابهم لم يقل أهل الجنة إلا فيها ولا أهل النار إلا فيها فيكون تعليلا لقوله تعالى اليوم (تُجْزى) الخ فإن كون ذلك اليوم بعينه يوم التلاقى ويوم البروز ربما يوهم استبعاد وقوع الكل