(فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ (٨) وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ لا تَقْتُلُوهُ عَسى أَنْ يَنْفَعَنا أَوْ نَتَّخِذَهُ وَلَداً وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ) (٩)
____________________________________
(فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ) فصيحة مفصحة عن عطفه على جملة مترتبة على ما قبلها من الأمر بالإلقاء قد حذفت تعويلا على دلالة الحال وإيذانا بكمال سرعة الامتثال أى فألقته فى اليم بعد ما جعلته فى التابوت حسبما أمرت به فالتقطه آل فرعون أى أخذوه أخذ اعتناء به وصيانة له عن الضياع قال ابن عباس رضى الله عنهما وغيره كان لفرعون يومئذ بنت لم يكن له ولد غيرها وكانت من أكرم الناس إليه وكان بها برص شديد عجزت الأطباء عن علاجه فقالوا لا تبرأ إلا من قبل البحر يؤخذ منه شبه الإنس يوم كذا وساعة كذا من شهر كذا حين تشرق الشمس فيؤخذ من ريقه فيلطخ به برصها فتبرأ فلما كان ذلك اليوم غدا فرعون فى مجلس له على شفير النيل ومعه امرأته آسية بنت مزاحم بن عبيد بن الريان بن الوليد الذى كان فرعون مصر فى زمن يوسف الصديق عليهالسلام وقيل كانت من بنى إسرائيل من سبط موسى عليه الصلاة والسلام وقيل كانت عمته حكاه السهيلى وأقبلت بنت فرعون فى جواريها حتى جلست على شاطئ النيل فإذا بتابوت فى النيل تضربه الأمواج فتعلق بشجرة فقال فرعون ائتونى به فابتدروا بالسفن فأحضروه بين يديه فعالجوا فتحه فلم يقدروا عليه وقصدوا كسره فأعياهم فنظرت آسية فرأت نورا فى جوف التابوت لم يره غيرها فعالجته ففتحته فإذا هى بصبى صغير فى مهده وإذا نور بين عينيه وهو يمص إبهامه لبنا فألقى الله تعالى محبته فى قلوب القوم وعمدت ابنة فرعون إلى ريقه فلطخت به برصها فبرأت من ساعتها وقيل لما نظرت إلى وجهه برأت فقالت الغواة من قوم فرعون إنا نظن أن هذا هو الذى نحذر منه رمى فى البحر فرقا منك* فاقتله فهم فرعون بقتله فاستوهبته آسية فتركه كما سيأتى واللام فى قوله تعالى (لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً) لام العاقبة أبرز مدخولها فى معرض العلة لا لتقاطهم تشبيها له فى الترتب عليه بالغرض الحامل عليه وقرىء حزنا* وهما لغتان كالسقم والسقم جعل عليه الصلاة والسلام نفس الحزن إيذانا بقوة سببيته لحزنهم (إِنَّ فِرْعَوْنَ وَهامانَ وَجُنُودَهُما كانُوا خاطِئِينَ) أى فى كل ما يأتون وما يذرون فلا غرو فى أن قتلوا لأجله ألو فاثم أخذوه يربونه ليكبر ويفعل بهم ما كانوا يحذرون. روى أنه ذبح فى طلبه عليه الصلاة والسلام تسعون ألف وليد أو كانوا مذنبين فعاقبهم الله تعالى بأن ربى عدوهم على أيديهم فالجملة اعتراضية لتأكيد خطئهم أو لبيان الموجب لما ابتلوا به وقرىء خاطين على أنه تخفيف خاطئين أو على أنه بمعنى متعدين الصواب إلى الخطأ (وَقالَتِ امْرَأَتُ فِرْعَوْنَ) أى لفرعون حين أخرجته من التابوت (قُرَّتُ عَيْنٍ لِي وَلَكَ) أى هو قرة عين لنا لما أنهما لما رأياه أحباه أو لما ذكر من برء ابنته من البرص بريقه وفى الحديث أنه قال لك لالى ولو قال لى كما هو لك لهداه الله تعالى كما هداها (لا تَقْتُلُوهُ) خاطبته بلفظ الجمع تعظيما ليساعدها فيما تريده (عَسى