(قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ (٤٢) فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللهِ يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ (٤٣) مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ (٤٤) لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ (٤٥) وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ مُبَشِّراتٍ وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٤٦)
____________________________________
كان يأخذ كل سفينة غصبا (لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا) أى بعض جزائه فإن إتمامه فى الآخرة واللام للعلة أو للعاقبة وقرىء لنذيقهم بالنون (لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) عما كانوا عليه (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلُ) ليشاهدوا آثارهم (كانَ أَكْثَرُهُمْ مُشْرِكِينَ) استئناف للدلالة على أن ما أصابهم لفشو الشرك فيما بينهم أو كان الشرك فى أكثرهم وما دونه من المعاصى فى قليل منهم (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ الْقَيِّمِ) أى البليغ الاستقامة (مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لا مَرَدَّ لَهُ) لا يقدر أحد على ارده (مِنَ اللهِ) متعلق بيأتى أو بمرد لأنه مصدر والمعنى لا يرده الله تعالى لتعلق إرادته القديمة بمجيئه (يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ) أصله يتصدعون أى يتفرقون فريق فى الجنة وفريق فى السعير (مَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ) أى وبال كفره وهو النار المؤبدة (وَمَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِأَنْفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ) أى يسوون منزلا فى الجنة وتقديم الظرف فى الموضعين للدلالة على الاختصاص (لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ مِنْ فَضْلِهِ) متعلق بيصدعون وقيل بيمهدون أى يتفرقون بتفريق الله تعالى فريقين ليجزى كلا منهما بحسب أعمالهم وحيث كان جزاء المؤمنين هو المقصود بالذات أبرز ذلك فى معرض الغاية وعبر عنه بالفضل لما أن الإثابة بطريق التفضل لا الوجوب وأشير إلى جزاء الفريق الآخر بقوله تعالى (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْكافِرِينَ) فإن عدم محبته تعالى كناية* عن بغضه الموجب لغضبه المستتبع للعقوبة لا محالة (وَمِنْ آياتِهِ أَنْ يُرْسِلَ الرِّياحَ) أى الشمال والصبا والجنوب فإنها رياح الرحمة وأما الدبور فريح العذاب ومنه قوله صلىاللهعليهوسلم اللهم اجعلها رياحا ولا تجعلها ريحا وقرىء الريح على إرادة الجنس (مُبَشِّراتٍ) بالمطر (وَلِيُذِيقَكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ) وهى المنافع التابعة لها* وقيل الخصب التابع لنزول المطر المسبب عنها أو الروح الذى هو مع هبوبها واللام متعلقة بيرسل والجملة معطوفة على مبشرات على المعنى كأنه قيل ليبشركم بها وليذيقكم أو بمحذوف يفهم من ذكر الإرسال تقديره وليذيقكم وليكون كذا وكذا يرسلها لا لأمر آخر لا تعلق له بمنافعكم (وَلِتَجْرِيَ الْفُلْكُ) بسوقها* (بِأَمْرِهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ) بتجارة البحر (وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) ولتشكروا نعمة الله فيما ذكر من