(وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ وَمَنْ يَشْكُرْ فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ (١٢) وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (١٣) وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ وَهْناً عَلى وَهْنٍ وَفِصالُهُ فِي عامَيْنِ أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ) (١٤)
____________________________________
واضعون للشىء فى غير موضعه ومتعدون عن الحدود وظالمون لأنفسهم بتعريضها للعذاب الخالد (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ) كلام مستأنف مسوق لبيان بطلان الشرك وهو لقمان بن باعوراء من أولاد آزر ابن أخت أيوب عليهالسلام أو خالته وعاش حتى أدرك داود عليهالسلام وأخذ عنه العلم وكان يفتى قبل مبعثه وقيل كان قاضيا فى بنى إسرائيل والجمهور على أنه كان حكيما ولم يكن نبيا والحكمة فى عرف العلماء استكمال النفس الإنسانية باقتباس العلوم النظرية واكتساب الملكة التامة على الأفعال الفاضلة على قدر طاقتها ومن حكمته أنه صحب داود عليهالسلام شهورا وكان يسرد الدرع فلم يسأله عنها فلما أتمها لبسها وقال نعم لبوس الحرب أنت فقال الصمت حكمة وقليل فاعله فقال له داود عليهالسلام بحق ما سميت حكيما وأن داود عليهالسلام قال له يوما كيف أصبحت فقال أصبحت فى يدى غيرى فتفكر داود فيه فصعق صعقة وأنه أمره مولاه بأن يذبح شاة ويأتى بأطيب مضغنين منها فأتى باللسان والقلب ثم بعد أيام أمره بأن يأتى بأخبث مضغتين منها فأتى بهما أيضا فسأله عن ذلك فقال هما أطيب شىء إذا طابا وأخبث شىء إذا خبثا ومعنى (أَنِ اشْكُرْ لِلَّهِ) أى اشكر له تعالى على أن أن مفسرة فإن إيتاء الحكمة فى معنى القول* وقوله تعالى (وَمَنْ يَشْكُرْ) الخ استئناف مقرر لمضمون ما قبله موجب للامتثال بالأمر أى ومن يشكر له تعالى (فَإِنَّما يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ) لأن منفعته التى هى ارتباط العتيد واستجلاب المزيد مقصورة عليها (وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ) عن كل شىء فلا يحتاج إلى الشكر ليتضرر بكفر من كفر (حَمِيدٌ) حقيق بالحمد وإن* لم يحمده أحد أو محمود بالفعل ينطق بحمده جميع المخلوقات بلسان الحال وعدم التعرض لكونه تعالى مشكورا لما أن الحمد متضمن للشكر بل هو رأسه كما قال صلىاللهعليهوسلم الحمد رأس الشكر لم يشكر الله عبد لم يحمده فإثباته له تعالى إثبات للشكر له قطعا (وَإِذْ قالَ لُقْمانُ لِابْنِهِ) أنعم وقيل أشكم وقيل ماثان (وَهُوَ يَعِظُهُ يا بُنَيَّ) تصغير إشفاق وقرىء يا بنى بإسكان الياء وبكسرها (لا تُشْرِكْ بِاللهِ) قيل كان ابنه كافرا فلم يزل به حتى أسلم ومن وقف على لا تشرك جعل بالله قسما (إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) تعليل للنهى أو للانتهاء عن الشرك (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ) الخ كلام مستأنف اعترض به على نهج الاستطراد فى أثناء وصية لقمان تأكيدا لما فيها من النهى عن الشرك وقوله تعالى (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ) إلى قوله (فِي عامَيْنِ) اعتراض بين المفسر والمفسر وقوله تعالى (وَهْناً) حال من أمه أى ذات وهن أو مصدر مؤكد لفعل هو الحال أى تهن وهنا