(وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ (٢٥) لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (٢٦) وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٧) ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلاَّ كَنَفْسٍ واحِدَةٍ إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ (٢٨) أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهارِ وَيُولِجُ النَّهارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَأَنَّ اللهَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ) (٢٩)
____________________________________
طويل بالنسبة إلى ما يدوم قليل (ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ) يثقل عليهم ثقل الأجرام الغلاظ أو يضم إلى الإحراق الضغط والتضييق (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) لغاية وضوح الأمر بحيث اضطروا إلى الاعتراف به (قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ) على أن جعل دلائل التوحيد بحيث لا يكاد ينكرها المكابرون أيضا (بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ) شيئا من الأشياء فلذلك لا يعملون بمقتضى اعترافهم وقيل لا يعلمون أن ذلك يلزمهم (لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) فلا يستحق العبادة فيهما غيره (إِنَّ اللهَ هُوَ الْغَنِيُّ) عن العالمين (الْحَمِيدُ) المستحق للحمد وإن لم يحمده أحد أو المحمود بالفعل يحمده كل مخلوق بلسان الحال (وَلَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ) أى لو أن الأشجار أقلام وتوحيد الشجرة لما أن المراد تفصيل الآحاد (وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ) أى من بعد نفاده (سَبْعَةُ أَبْحُرٍ) أى والحال أن البحر المحيط بسعته يمده الأبحر السبعة مدا لا ينقطع أبدا وكتبت بتلك الأقلام وبذلك المداد كلمات الله (ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللهِ) ونفدت تلك الأقلام* والمداد كما فى قوله تعالى (لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِماتُ رَبِّي) وقرىء يمده من الإمداد بالياء والتاء وإسناد المد إلى الأبحر السبعة دون البحر المحيط مع كونه أعظم منها وأطم لأنها هى المجاورة للجبال ومنابع المياه الجارية وإليها تنصب الأنهار العظام أولا ومنها ينصب إلى البحر المحيط ثانيا وإيثار جمع القلة فى الكلمات للإيذان بأن ما ذكر لا يفى بالقليل منها فكيف بالكثير (إِنَّ اللهَ عَزِيزٌ) لا يعجزه شىء (حَكِيمٌ) لا يخرج عن علمه وحكمته أمر فلا تنفد كلماته المؤسسة عليهما (ما خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ واحِدَةٍ) أى إلا كخلقها وبعثها فى سهولة التأتى إذ لا يشغله شأن عن شأن لأن مناط وجود الكل تعلق إرادته الواجبة مع قدرته الذاتية حسبما يفصح عنه قوله تعالى (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (إِنَّ اللهَ سَمِيعٌ) يسمع كل مسموع (بَصِيرٌ) يبصر كل مبصر لا يشغله علم بعضها عن علم بعض فكذلك الخلق والبعث (أَلَمْ تَرَ) قيل الخطاب لرسول الله صلىاللهعليهوسلم وقيل عام لكل أحد ممن يصلح للخطاب وهو الأوفق لما سبق وما لحق أى ألم تعلم علما