(فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (١٧) أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً لا يَسْتَوُونَ (١٨) أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى نُزُلاً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) (١٩)
____________________________________
العشاء مع النبى صلىاللهعليهوسلم وعن أنس أيضا رضى الله عنه أنه قال نزلت فى أناس من أصحاب النبى صلىاللهعليهوسلم كانوا يصلون من صلاة المغرب إلى صلاة العشاء وهى صلاة الأوابين وهو قول أبى حازم ومحمد بن المنكدر وهو مروى عن ابن عباس رضى الله عنهما وقال عطاء هم الذين لا ينامون حتى يصلوا العشاء الآخرة والفجر فى جماعة والمشهور أن المراد منه صلاة الليل وهو قول الحسن ومجاهد ومالك والأوزاعى وجماعة لقوله صلىاللهعليهوسلم أفضل الصيام بعد شهر رمضان شهر الله المحرم وأفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل وعن النبى صلىاللهعليهوسلم فى تفسيرها قيام العبد من الليل وعنه صلىاللهعليهوسلم إذا جمع الله الأولين والآخرين جاء مناد ينادى بصوت يسمع الخلائق كلهم سيعلم أهل الجمع اليوم من أولى بالكرم ثم يرجع فينادى ليقم الذين كانت تتجافى جنوبهم عن المضاجع فيقومون وهم قليل ثم يرجع فينادى ليقم الذين كانوا يحمدون الله فى السراء والضراء فيقومون وهم قليل فيسرحون جميعا إلى الجنة ثم يحاسب سائر الناس وقوله تعالى (يَدْعُونَ رَبَّهُمْ) حال من ضمير جنوبهم أى داعين له تعالى على الاستمرار (خَوْفاً) من سخطه وعذابه وعدم قبول عبادته (وَطَمَعاً) فى رحمته (وَمِمَّا رَزَقْناهُمْ) من المال (يُنْفِقُونَ) فى وجوه البر والحسنات (فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ) من النفوس لا ملك مقرب ولا نبى مرسل فضلا عمن عداهم (ما أُخْفِيَ لَهُمْ) أى لأولئك الذين عددت نعوتهم الجليلة (مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ) مما تقربه أعينهم وعنه صلىاللهعليهوسلم يقول الله عزوجل أعددت لعبادى الصالحين مالا عين* رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر بله ما اطلعتم عليه اقرءوا إن شئتم فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين وقرىء ما أخفى لهم وما نخفى لهم وما أخفيت لهم على صيغة المتكلم وما أخفى لهم على البناء للفاعل وهو الله سبحانه وقرىء قرات أعين لاختلاف أنواعها والعلم بمعنى المعرفة وما موصولة أو استفهامية علق عنها الفعل (جَزاءً بِما كانُوا يَعْمَلُونَ) أى جزوا جزاء أو أخفى لهم للجزاء بما كانوا يعملونه فى الدنيا من الأعمال الصالحة قيل هؤلاء القوم أخفوا أعمالهم فأخفى الله تعالى ثوابهم (أَفَمَنْ كانَ مُؤْمِناً كَمَنْ كانَ فاسِقاً) أى أبعد ظهور ما بينهما من التباين البين يتوهم كون المؤمن الذى حكيت أوصافه الفاضلة كالفاسق الذى ذكرت أحواله (لا يَسْتَوُونَ) التصريح به مع إفادة الإنكار لنفى المشابهة بالمرة على أبلغ وجه* وآكده لبناء التفصيل الآتى عليه والجمع باعتبار معنى من كما أن الإفراد فيما سبق باعتبار لفظها وقوله تعالى (أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوى) تفصيل لمراتب الفريقين فى الآخرة بعد ذكر أحوالهما فى الدنيا وأضيفت الجنة إلى المأوى لأنها المأوى الحقيقى وإنما الدنيا منزل مرتحل عنه لا محالة وقيل المأوى جنة من الجنات وأيا ما كان فلا يبعد أن يكون فيه رمز إلى ما ذكر من تجافيهم عن مضاجعهم