قيمة الروحية والمادية ، ولو كان ذلك بشكل جزئي ، الأمر الذي يعيش معه المسلم حياته اليومية في ما يأكل ويشرب ، ويلبس ويتعامل ، أو في ما ينشأ من علاقات في أجواء إسلامية طاهرة ، يتنفس فيها جوّ الإسلام وروحانيته ، ويعيش فيها روحية القرب إلى الله من خلال طاعته ، ويتحمل في ذلك الصعوبات النفسية والعملية ، لأنه يشعر أن هدف حياته هو تحقيق رضا الله في ما يأمر به أو ينهى عنه ، سواء حقق له ذلك الحل لمشكلته في إطار جزئي ، أو كلّي ، أو لم يحقق له ذلك. فإن الحياة كلها تتلخّص عنده في كلمة واحدة هي ، أن يحقق الإنسان من خلالها إرادته التابعة لإرادة الله الخالق الواحد. ولهذا كان الربا محرما على المسلمين حتى في نطاق النظام الربوي ، وربما أوقع ذلك المسلمين في مشاكل عملية معقدة ، وربما وضعت لهذه المشاكل بعض الحلول الفقهية التي يحصل الإنسان فيها على نتائج الربا من دون أن تقترب من أجوائه وأخلاقه في ما يسمى «بالحيل الشرعية» التي شرعت بوحي الحالات الطارئة الضاغطة التي يراد من خلالها الفرار من الحرام إلى الحلال ، ولكن المسلم ـ كما ألمحنا إلى ذلك ـ يشعر بالسعادة في هذه المعاناة ما دامت تحقق رضا الله في أموره الخاصة والعامة ، وينطلق ـ بعد ذلك ـ من خلال وعيه لعمق المشكلة في حياته التي يعيش فيها الازدواجية بين ما تفرضه الشريعة ، وما يطلبه القانون ، إلى العمل في سبيل إقامة الحكم الإسلامي الشامل الذي يقود الحياة كلها إلى شريعة الله.
أمّا الأنظمة الأخرى ، فإنها لا تدرس الإنسان من حيث هو كائن روحي أو أخلاقي ، بل كل ما عندها هو الجانب المادي من حياته ، ولذا ، فإنها تفكر له من خلال حاجاته المادية ، بل ربما يعتبر بعضها الحاجات الروحية وجها من وجوه الحاجات المادية ، الأمر الذي يؤدي بها إلى أن تجد في السير على أي تشريع من التشريعات عبثا لا طائل تحته في المجال الفردي إذا لم يحقق الحل للحالة العامة.