هيكلا متناسق الخصائص في ما يطلقه من تشريعات لتحقيق الحل الأفضل الشامل. وهذا هو ما نفهمه في موضوع تحريم الربا ، فإننا لا نستطيع معرفة سلبياته وإيجابياته في نطاق النظام الرأسمالي الذي يمثل الربا العمود الفقري له ، ولا يمكن أن نفكر في إلغاء الربا ، مع إبقاء العلاقات الاقتصادية على ما هي عليه ، لأننا لا نتحدث عن التحريم على أساس الأمر الواقع ، بل من موقع العمل على تغيير النظام في قواعده وأسسه الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ، الأمر الذي نعرف فيه الإيجابيات العملية لتحريم الربا في الخطّة الإسلامية المتكاملة.
وقد يطرح سؤال جديد في هذا المجال : هل معنى ذلك أن التحريم ينتظر ولادة الدولة الإسلامية وتحقيق النظام الإسلامي الشامل ، فلا موقع للتحريم في ظل النظام اللاإسلامي ، تماما كما هو الحال في التشريعات المنطلقة من مضمون العقيدة الماركسية أو غيرها التي لا يدعو إليها واضعوها إلا في نطاق ولادة النظام الكامل المستند إلى القاعدة الفكرية ، فلا مجال لها على المستوى الفردي لأنها لا تحلّ أية مشكلة للإنسان؟
ونجيب عن ذلك ، أن هناك فرقا بين النظام الإسلامي في تشريعاته العامة والخاصة ، وبين الأنظمة المادية الأخرى ، فإن الإسلام قد انطلق من قاعدة بناء شخصية الإنسان الفردية والاجتماعية على أساس الجوانب الأخلاقية والروحية ، بالإضافة إلى الجوانب الأخرى المادية ، وفي ضوء ذلك ، لم يكن الحل الشامل للمشكلة هو كل شيء في حركة التشريع في حياته ، بل كانت هناك العناصر الروحية والأخلاقية التي تبني له شخصيته لتعزله عن التيار المنحرف في المجتمع ، الأمر الذي يجعل التشريع حيا في النطاق الفردي لتحقيق تلك العناصر ، وإن لم يتوفر له الحركة في النطاق الاجتماعي. ولذلك رأينا الأحكام الشرعية باقية في مدى الزمن خارج نطاق حكم الإسلام ، من أجل بناء الإنسان المسلم على أساس الإسلام في