ومنامك ، ولم يعلم أن الله هو المنادي. وقيل : إن القائل له نبي ، وقيل ملك ، وقيل : بعض المعمرين ممن شاهده عند موته وإحيائه (١).
وأما الثاني ، فيحتمل أن المراد بكونه آية للناس ، أي عبرة لهم ودليلا عن أن الله قادر على إحياء الإنسان بعد الموت من دون أن يكون هناك أي شيء يتعلق بذاته. وأما الثالث ، فالظاهر منه هو الحديث عن علمه الآن بعد هذه التجربة الحية التي عاشها ونظر إليها ، لا أنه رجوع منه إلى العلم.
وأما الروايات ، فلم يثبت صحتها من ناحية السند ، فلا تكون حجة على المدعى. وعلى هذا ، فإن ما ذكره صاحب الميزان (٢) من تأكيد نبوته ليس واضحا من حيث الظهور اللفظي ومن حيث الدليل الحاسم ، والله العالم.
وهكذا انطلق هذا الرجل في تساؤله من خلال الخاطرة الطارئة التي خطرت له.
وكان الجواب يحتاج إلى أن يحسّ هذا الإنسان بطعم الموت ، فيستمرّ معه الموت مائة عام ، ثم يبعثه الله من جديد ، فلا يتذكر من أمره شيئا ، ويشعر بأنه نام لبعض الوقت فقط ، يوما أو بعض يوم ، وهذا ما يجيب به السؤال الموجه إليه : كم لبثت؟ وتعقل لسانه المفاجأة ، كما يبدو ، عند ما يعرف أنه لبث في رقدته هذه مائة عام ، ليجد الجواب الحيّ متجسدا في هذه الحياة المتجددة بعد موت طويل ... وتشتد الدهشة في عينيه عند ما ينظر إلى طعامه وشرابه لم يتغيرا ـ كما هو معنى لم يتسنه ـ ليكون مظهرا من مظاهر القدرة المعجزة في بقاء الطعام طيلة هذه المدة ، مع أنّه معرّض للفساد في ساعات أو أيام ...
ثم تبرز الحقيقة أمام عينيه ، فهذا هو حماره الذي كان يركبه قبل مائة
__________________
(١) م. س. ، ص : ٤٧٧.
(٢) تفسير الميزان ، ج : ٢ ، ص : ٣٦٧.