وتأثيره على طاقة الإنسان وحياته العامة والخاصة ...
وهناك نقطة أخرى ، قد تضاعف الثواب على العمل من حيث دلالتها على عمق المعنى الروحي الذي يتمثل في إخلاص المؤمن لربه ، فإن للنية قيمتها الأساسية في طبيعة العمل وفي نوعية المعنى المتمثل فيه ، بل هي روح العمل ، وهذا ما وردت به الأحاديث الكثيرة القائلة «فإنما الأعمال بالنيّات ، وإنما لكل امرئ ما نوى» و «يحشر الناس على نياتهم يوم القيامة» وغيرها الكثير. وفي ضوء هذا ، قد تلتقي النية الطيبة المخلصة المنفتحة على إنسانية الإنسان من خلال انفتاحها على الله في ما يحبه ويرضاه ، بالحلّ الأمثل للمشكلة الاجتماعية الخانقة في حياة الفرد والمجتمع ، مما يعزز الجانب الذاتي الروحي بالجانب الموضوعي الاجتماعي ، ولعل كلمة (سَبِيلِ اللهِ) تختصر الأمرين معا ، فإن العمل الذي ينطلق من الإنسان في سبيل الله ، هو العمل الذي يريد الله للحياة أن تحققه في واقع الناس من خلال الإنفاق ونحوه ، وهذا ما يجعل مضاعفة الثواب مرتبطة بمشيئة الله التي تراقب الإنسان في دوافعه وتنظر إلى العمل في نتائجه المؤدية إلى حل المشكلة الفردية والاجتماعية من خلال الخصوصيات التي تتنوع هنا وهناك في الحجم والعمق والإخلاص.
ومن خلال ذلك ، نعرف أن حجم الثواب كان منطلقا من حجم النتائج الإيجابية التي يحققها العطاء والنتائج السلبية التي يمنعها ، بعيدا عن طبيعة الرقم الذي يتمثل فيه العطاء في ذاته. وفي ضوء ذلك ، نعرف معنى الفقرة التالية في الآية (وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) على أساس ما ينتجه العطاء من نتائج وما يكشف عنه الموقف العملي في دوافعه وأهدافه من معان قريبة إلى الله حبيبة إليه (وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ) لا يضيق بأي عطاء ، وهو العالم بنواياكم وأفكاركم في ما تعطون وتمنعون.