بقيام القيامة وانتقال الناس إلى عالم جديد ، فقد كانت السماء متماسكة منتظمة بحيث لا يستطيع الإنسان ، مهما حدّق طويلا ، أن يكتشف أيّة ثغرة في هذا السقف المرفوع ، ولكن السماء ، في ذلك اليوم المشهود ، تتشقق وتمتلئ بالثغرات ، وتفتح فيها الأبواب التي يمكن للداخلين ، الذين يؤذن لهم بالدخول ، أن ينفذوا منها ، فكيف يحدث ذلك؟ وهل أن هناك أسبابا طبيعية هي التي تؤدي إلى ذلك ، أم أن إرادة الله التي تعلقت بتماسك السماء هي التي تتعلق بانشقاقها بشكل مباشر؟ إن هذه الأسئلة وأمثالها هي مما لا نملك الوسيلة للحصول على جواب حولها ، كما أن معرفته لا تندرج في إطار المسؤوليات الملقاة على عاتقنا.
(وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ) أي انتقلت عن مواضعها في نظامها المتناسق الخاضع لترتيب معيّن ، الذي يمثل حركته في داخل مداراتها المحدودة التي لا تتعداها لتؤدي مهمتها في النظام الكوني في مواقعها المعينة. ولكنها ، الآن ، في النظام الجديد ، تتساقط وتتناثر في الفضاء وتفقد إشراقها ، وربما تغيب في آفاق الضياع.
(وَإِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ) وذلك ـ في ما فسره البعض ـ بفتح بعضها على بعض ، حتى تزول الحواجز بينها ، ويختلط العذب منها بالمالح ، فتعود بحرا واحدا. وفسرها بعض آخر ، بأن التفجير هو امتلاؤها وغمرها لليابسة وطغيانها على الأنهار ، أو بتفجير مائها وتحليله إلى عنصريه : الأوكسيجين والهيدروجين ، فتتحول مياهها بذلك إلى هذين الغازين ، كما كانت قبل أن يأذن الله بتجميعها وتكوين البحار منهما ، وهناك احتمالات أخرى.
(وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ) فقلب باطنها إلى ظاهرها ، وهو كناية عن إخراج الأجداث إلى سطح الأرض في بداية انطلاق الناس إلى المحشر ، حيث تبعث فيهم الحياة من جديد ، ليقفوا وقفة تأمّل قبل وقفة الحساب ، حيث يتذكرون