عمل الأبرار في علّيّين
(كَلَّا) ليست المسألة كما تتصورون في احتقار مستقبل الأبرار المؤمنين من خلال احتقاركم لموقعهم الاجتماعي ، في نظرتكم الاستعلائية إليهم على أساس واقع الاستكبار الذي كنتم ترون فيه ذروة التحدي للآخرين.
(إِنَّ كِتابَ الْأَبْرارِ لَفِي عِلِّيِّينَ) لأن طبيعة البرّ في معناها المطلق تمثل الطاعة لله في فعل الخير كله ، لتلتقي بما توحي به كلمة «عليّين» في الحصول على درجة العلوّ والرفعة لديه. وإذا كان الكتاب يعبر عن مضمون العمل ، في تاريخ الناس الحركي في الدنيا ، فإن «علّيّين» تمثل الدرجة الرفيعة التي يصعد إليها هؤلاء في الآخرة ، وكأنّ الكلمة غريبة عن مسامعهم في ما يمكن أن يكونوا بعيدين عن استعمالها في عرفهم ، فجاء السؤال للتهويل والتفخيم : (وَما أَدْراكَ ما عِلِّيُّونَ) هل تعرف معناه؟ فهو المعنى الذي لا يعيه الكثيرون من الناس لبعدهم عن آفاقه الروحية ، لأنه يتصل بالمعنى الذي يلتقي بالله ، فهو (كِتابٌ مَرْقُومٌ) يسجل كل أعمال الناس الخيّرة ، ويضمّ كل درجاتهم الرفيعة.
(يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ) من الملائكة الذين يعيشون الطهر والخير والعلوّ والرفعة في درجات القرب من الله تعالى. ولهذا ، فإنهم يرون هذا الكتاب ، الذي يمثل العمل الرفيع والدرجة الكبيرة لهؤلاء العاملين الطائعين الذين ارتفعوا إلى مقام القرب من الله ، وعاشوا مع المقرّبين إليه.
* * *