ولعلّ هذا هو السبب في أنّ أجهزة الكفر والاستكبار تعمل على إفساد الأخلاق العامة للناس في مواقع المستضعفين والمسلمين ، لتبعدهم بذلك عن الالتزام الفكريّ أو الروحيّ بالخط الإيمانيّ ، وذلك يؤدي إلى الخلل الكبير في الشخصية ، والانحلال العميق في عناصر التوازن فيها ، مما تكون النتيجة فيه وصول مسألة الإيمان في داخلها إلى شيء يوحي باللامبالاة وباللامعنى ، ليذوب نهائيا ، بفعل المؤثرات الشعورية المضادّة في أكثر من صعيد.
* * *
الذنوب تبعد الإنسان عن رحمة الله
(بَلْ رانَ عَلى قُلُوبِهِمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ) وهذا رفض للواقع الفكري والروحي الذي يسيطر على عقولهم بما يشبه الحاجز عن الإيمان (كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ) لأن الذنوب العقيدية والعملية تبعد الإنسان عن الله بما تثيره من غضب الله عليه ، فيطرده الله عن رحمته ، ويمنعه ، بذلك ، عن الانفتاح عليه ، حتى ليحسّ بأن هناك حاجزا بينه وبين الله ، يشبه الظلمة التي تمنع الرؤية ، والكدر الذي يمنع الصفاء.
(ثُمَّ إِنَّهُمْ لَصالُوا الْجَحِيمِ) في كل عذابها اللاهب وذلّها المرير وحزنها الكبير (ثُمَّ يُقالُ هذَا الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) في كلمة حاسمة تمثل صدمة الحقيقة في ضغطها القاسي على وجودهم المستكبر الذي كان يتبجح بإنكارها استهزاء وخيلاء ، ها هي في مضمونها القاطع الذي تسري ناره في أجسادكم ، نارا أو لهبا ، فهل تنكرونها الآن ، كما كنتم تنكرونها من قبل؟ وهل تملكون الجواب؟
* * *