الكفار كانوا يستهزئون بالمؤمنين
وهذه صورة مثيرة من صور السلوك الإجرامي الذي يتحرك فيه المجرمون في طريقة تعاملهم مع المؤمنين ونظرتهم إليهم في ما كانوا يحركونه من وسائل الاستهزاء والاحتقار ، ليدفعوهم إلى السقوط والانسحاب من ساحة الدعوة إلى الله والجهاد في سبيله ، كجزء من الحرب النفسية التي يشنّونها على الإسلام ..
(إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا) من الكفار الذين جسّدوا جريمة الكفر في عقولهم وانتماءاتهم ، وعاشوا مسئولية الدعوة إليه ، والوقوف أمام كل دعوة للإيمان بالله ، فكانت الجريمة مزدوجة من خلال ما عاشوه في أنفسهم ، وما اعتدوا به على غيرهم في إقامة الحواجز بينهم وبين الإيمان ، أو في منع المؤمنين من حرية الحركة في الانتماء والدعوة ، والعمل على اضطهادهم بمختلف الوسائل التي يملكونها في ذلك الاتجاه ، ومنها أنهم (كانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ) كأسلوب من أساليب السخرية منهم والاستهزاء بهم ، في ما كانوا يلتقون به من مفردات حياتهم ، كمادّة لإثارة الضحك منهم على أساس الأوضاع الاجتماعية التي كانت في مستوى القيمة الطبقية لديهم ، فإذا شاهدوا فقر المؤمنين وبؤسهم ، في ما يأكلون أو يلبسون أو يتقلبون به من قضايا المعيشة والحياة ، اتخذوا من ذلك سببا للقهقهات الساخرة اللاذعة ، وإذا رأوا ما عليه المؤمنون من الضعف ، لأنهم لا يملكون السلاح الذي يدافعون به عن أنفسهم ، أو القوّة الاجتماعية التي تمنعهم من العدوان عليهم ، وإذا نظروا إلى الجدّية في مواقفهم ، والترفع عن مواجهة السفهاء بالسفه ، اتخذوا من ذلك مادة للسخرية والفكاهة ، سواء بالكلمات الضاحكة ، أم بالتصرفات العابثة التي تنالهم بالأذى ، أم بغير ذلك مما يضحكون منه ، فيواجههم المؤمنون بالصبر الواعي