الكدح ، لا معنى يتخفف الإنسان به منه. وهكذا يخاطب الله الإنسان من موقع إنسانيته ، ليكدح إلى ربه كدحا ، ليقول له إنه مهما أعطى من جهد ، فإنه سوف يلتقي به في يوم القيامة ، لتكون طبيعة النتائج منسجمة مع طبيعة الكدح.
* * *
يسر الحساب من صلاح العمل
(فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ) وهو الذي يجعل كدحه في طاعة الله في خط الإيمان والعمل الصالح ، (فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً) ، لأنه لا يحمل في كتابه أيّة انحرافات كبيرة تبعده عن الله ، فقد عاش حياته كلها مؤمنا بالله عاملا بطاعته بمقدار جهده ، فإذا كانت له بعض المعاصي ، فإنها لا تمثل شيئا كبيرا يستوجب غضب الله عليه ، مما يجعل المغفرة أمرا طبيعيا له ، من خلال ما يرحم الله به عباده الصالحين من التكفير عن سيّئاتهم ، ومن إدخالهم في مواقع رحمته. وبذلك ، كان هذا الإنسان هو الراضي المرضي الذي يعيش سعادة القدوم على الله تعالى ، فلا يتوقف إلا لكي ينظر في كتابه ـ كما ورد في بعض الأحاديث ـ.
(وَيَنْقَلِبُ إِلى أَهْلِهِ مَسْرُوراً) وليس أهله إلا الذين ارتضاهم الله أهلا له في مجتمع الجنة ، الذي يضمّ الحور العين ، والولدان المخلدين ، والملائكة المقربين ، والصالحين من أزواج المؤمنين وأولادهم وآبائهم ... ليتلقاهم بوجه طافح بالسرور ، وقلب مملوء بالشعور بالسعادة ، بما غفر الله له من ذنبه ، وبما خفّف عنه من حسابه ، وما أولاه من فضله في نعيم جنته.
* * *