الإنسان ملاق جهده يوم القيامة
(يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ) الذي خلق الله في كيانه خصائص إنسانيته ، من عقل وإرادة وحرية حركة ، بالمستوى الذي يكون فيه إنسانا مسئولا ، من خلال ما يستتبعه ذلك من الحصول على المعرفة بالله في ما تقتضيه من الخضوع له في الشعور العميق بعبوديته له ، وفي الانفتاح على الموقف النهائي في الوقوف بين يديه ، ومن خلال امتزاج القوّة الإرادية بالقوّة الحركية ، الذي يمكّنه من تربية نفسه ، وتطوير فكره ، وتوعية روحه ، وتطهير شعوره على أساس المحبة لله ، والخضوع له ، وتأكيد المسؤولية في طاعته في حركة حياته.
(إِنَّكَ كادِحٌ إِلى رَبِّكَ كَدْحاً فَمُلاقِيهِ) فليست الحياة فرصة للاسترخاء والنوم والراحة اللّاهية المطلقة ، وليست مجالا للعبث واللّعب واللهو ، بل هي فرصتك للكدح الذي يمثل الجهد العمليّ الذي يترك تأثيره عليك في كيانك الجسدي والروحي والشعوري ، لأن هناك دورا كبيرا لا بد من أن تقوم به في خلافتك عن الله في إدارة شؤون الحياة في الأرض على خط رسالاته ، فلا بد لك من أن تكدح في فكرك لتنتج الفكر الذي يخطط للحركة ويدفع نحو التطوّر ، ولا بد لك من أن تكدح في نشاطك الجهادي لتملأ الحياة بالدعوة باسمه تعالى والجهاد والحركة الدائبة في سبيله في مختلف المواقع ، بما يجعل الحياة كلّها حياة الرسالة وللرسالة.
إن الحياة هي المعمل الكبير الذي أراد الله له أن ينتج الخير في حركة الحقّ في ساحة الصراع ، وجعل الإنسان كادحا حيّا أساسيا في تحريك أجهزته ، وفي توجيه إنتاجه ، فلا مجال للتفكير بالراحة ، بل هو الجهد الدائب الذي إذا التقى بالنوم ، فلكي يمنحه النوم حيويّة جديدة ، وإذا عاش مع بعض لحظات الراحة والاسترخاء واللهو ، فمن أجل أن يخفف عنه ثقل التعب ، وضغط الضعف واختناق الروح ، مما يجعل لهذه الأمور معنى يتصل بشروط