دعوة للتأمل في الآيات الكونية
(فَلا أُقْسِمُ بِالشَّفَقِ) هذا اللون الذي يلتقي بالحمرة الهادئة الوديعة في حركة النور الذي يفقد وهجه وحرارته ، ليكون في لون الحمرة القانية ثم الصفرة ، ثم البياض ، في هذا الجمال البديع الذي يبعث الرّوعة في الروح ، والهدوء في الشعور الذي يوحي بالظلام في حبات النور التي تلتقي بأمواج الليل ، لتبعث فيه مزيجا من الروعة والرهبة الباردة. (وَاللَّيْلِ وَما وَسَقَ) أي ما ضمّ وجمع وحمل ما تفرق وانتشر في النهار ليرجع كل واحد إلى سربه وموقعه ، ويسكن كل فريق إلى إلفه. ثم قد يشمل ذلك كل ما يضمّه الليل من مخلوقات وأوضاع وأشباح وتهاويل ، مما يوحي بالجوّ الغامض الرهيب المزدحم الذي يثير الكثير من المشاعر الخفية التي تجمع بين الوحشة والرهبة والغموض والجلال.
(وَالْقَمَرِ إِذَا اتَّسَقَ) وتكامل نوره في الليالي البيض ، فيشرق على الكون إشراقة الوداعة التي توحي بالسلام الحلو في قلب الظلام المخيف ، فيزيل الوحشة في النفس ، ويبعث الحذر في الإحساس ، ويطوف بالروح في آفاق الأحلام الجميلة التي تملأ الإنسان أملا وحبا وانفتاحا على المواقع الرحبة في الحياة.
ويبقى لهذه المشاهد الكونيّة في الأفق الممتد الذي يودّع الشمس اللاهبة في نورها الحارّ المشتعل ، الذي يوحي بالدفء تارة ، وبالحريق أخرى ، ليلتقي بالشفق الذي يوحي بولادة الليل في خطوات النور المنسحب ، ليجتمع الناس في قلب الظلام الذي يوحي إليهم بتلك الجلسات العائلية الحميمة ، وبتلك الاجتماعات الروحية الجميلة ، ولينطلق القمر بهذا النور الوديع الذي يصبغه الظلام بلونه الهادىء.
ويبقى للإنسان أن يفكر في هذه المشاهد تفكير الباحث عن سرّ الروعة