بشّر المكذبين بعذاب أليم
(بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُكَذِّبُونَ) تكذيبا لا ينطلق من فكر مضادّ للإيمان ، ولا من شبهة تثير الضباب أمام حقائقه ، بل من خلال العقدة المتأصلة في النفس الحاقدة ـ من موقع الذات ـ على الرسالة والرسول.
(وَاللهُ أَعْلَمُ بِما يُوعُونَ) أي بما يكنّونه في صدورهم ، ويضمرونه في أفكارهم من خلفيات هذا التكذيب ، ومن نوايا الشرّ الذي يخطّطون له في عقولهم ، فلا يحسبون أنفسهم بمنأى عن الحجة التي تؤدي بهم إلى استحقاق العذاب.
(فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ) لأن ذلك هو جزاء المكذبين عن غير أساس.
* * *
للصالحين أجر غير ممنون
(إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) والتزموا الخط الرسالي فكرا وسلوكا ومنهج حياة ، فعاشوا الإيمان في وجدانهم ، وحركوا مفاهيمه في أخلاقهم ، وانطلقوا في مسيرته في خطواتهم ، فاستحقوا بذلك رضى الله ، وعاشوا في آفاق رحمته ، (لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ) أي غير مقطوع ، بل هو ممتدّ متواصل. وقيل : إن المراد به المنّ وهو القول الّذي يمنّ به صاحب النعمة على آخذها بما يثقل عليه ، فالمقصود أن هذا الأجر لا يستتبع أيّ كلام يثقل على المؤمنين الصالحين ، بل لا يسمعون إلا كلاما طيّبا يرتاحون إليه.
والظاهر أن المعنى الأول أقرب إلى الاعتبار ، لأن المنّ لا يكون ثقيلا