الصعب الذي يقفه المؤمنون المخلصون في السموّ الروحي الذي يرفض فيه المؤمن كل الضغوط التي تضغط عليه للابتعاد عن عقيدته ، حتى الموت حرقا ، في مقابل النموذج الأعلى للطغاة الذين يفرضون على المؤمنين مثل هذه التجربة القاسية الوحشية ، وهم يلهون بآلامهم وصرخاتهم التي تنبعث من قلب الحريق اللّاهب.
ثم تثير الحديث عن هؤلاء الذين فتنوا المؤمنين الذين آمنوا بالنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في مكة ، بواسطة الضغوط النفسية والجسدية والاقتصادية ، ليبعدوهم عن خط الإيمان ، فمنهم من استسلم للفتنة المتعددة الوجوه ، فرجع عن إيمانه ، ومنهم من استمر على خط الإيمان العقيدي والعملي فثبت حتى النهاية ، فمنهم من استشهد ، ومنهم من هاجر ، ومنهم من صبر على العذاب .. ويتوعد الله أولئك بعذاب الحريق في الآخرة ، أمّا المؤمنون الذين ثبتوا على الإيمان ، فلهم الجنات التي تجري من تحتها الأنهار التي جعلها الله تعالى جائزة للفائزين ، ممّن عملوا بطاعته ومرضاته ، وهجروا عصيانه ومقامات غضبه.
ثم تلوّح بالبطش الإلهي الجديد الذي يوحي بقدرة الله الذي يبدئ ويعيد في تصرفه بالخلق وبالبعث ، وهو الغفور الودود ذو العرش المجيد الذي لا يعجزه شيء في الأرض ولا في السماء ، فإذا أراد شيئا فعله ، فإرادته تساوي فعله.
وتأتي الإشارة إلى الطغاة السابقين الذين فتنوا المؤمنين وآذوا الرسل ، فأخذهم الله بعذابهم ، وأحاط بهم من حيث لا يقدرون على الدفاع عن أنفسهم.
ويأتي الختام لتقرير طبيعة القرآن الذي يمثّل الحقيقة المحفوظة في اللوح المحفوظ ، فهو المرجع في كل فكر ، وفي كل شريعة ، وفي كل مفهوم للكون وللحياة.
* * *