(وَمَشْهُودٍ) الانطباق على تعذيب الكفار لهؤلاء المؤمنين وما فعلوا بهم من الفتنة ، وإن شئت فقل : على جزائه ، وإن شئت فقل : على ما يقع يوم القيامة من العقاب والثواب لهؤلاء الظالمين والمظلومين» (١).
ونلاحظ عليه ، أنه لا مانع من إطلاق المشهود على محتوى الشهادة المؤدّاة بحذف ما يتعدى به من جهة الدلالة عليه في ما توحي به كلمة الشهادة التي تتضمن شاهدا ومشهودا به ومشهودا عليه ، لا سيما إذا لا حظنا أن جوّ السورة يستهدف التأكيد على ما ينال هؤلاء الذين يفتنون المؤمنين عن دينهم في يوم القيامة على أساس قيام الحجة عليهم من خلال الشهود الذين يشهدون عليهم ، كما ورد التأكيد على دور الشهداء الذي يوحي بالمشهود عليه من الأنبياء والأمم في يوم القيامة ، وقد اختلف المفسرون في تأويل كلمة الشاهد والمشهود وتطبيقاتهما ، ولكنها تنظر إلى اللفظين نظرا ذاتيا لا من خلال طبيعة جوّ الآية.
* * *
(قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ)
(قُتِلَ أَصْحابُ الْأُخْدُودِ) هل هو حديث عن حادثة القتل التي حدثت لأولئك المؤمنين ليكونوا المراد من أصحاب الأخدود ، أو هو دعاء بالهلاك ليكون المراد منهم الطغاة
الذين قاموا بالتعذيب والإحراق؟ والظاهر هو الوجه الثاني ، لأن السياق مسوق لإعلان الغضب على الفاعلين ، كما أن الضمير في الآيات الأخرى يوحي بذلك. والأخدود ، هو الشّقّ في الأرض الذي شقّوه بما يشبه الحفيرة وملأوه نارا وألقوا فيه أولئك المؤمنين. ولما كانت النار هي العنصر البارز في هذه العملية الوحشية بحيث لا دور للأخدود إلا من حيث كونه ظرفا
__________________
(١) تفسير الميزان ، ج : ٢٠ ، ص : ٢٧٩.