فهل يثبت الإنسان أمام هذه المقارنة؟ وكيف ينظر إلى حجمه ليستعلي على ربّه الذي تخشع له السماء والأرض؟ ولكن ، إلى أين أيّها الإنسان؟ فمهما امتدت بك الحياة ، فسوف تأتي الطامّة الكبرى التي لا تملك لنفسك فيها الخلاص الذاتي إلا من خلال عملك ، فإذا كنت ممن يخاف «مقام ربه» ، ويسير في خط هداه ، وينهى نفسه «عن الهوى» ، فستكون الجنة مأواك ، وأمّا إذا كنت من الطغاة الذين يؤثرون الحياة الدنيا على الآخرة ، فإن الجحيم هي مستقرك.
وتلك هي الحقيقة التي لا بدّ أن يؤمنوا بها. وليست المشكلة مشكلة توقيتها لتدخل في جدل عقيم حولها من هذه الجهة ، بل القضية التي تتحمل مسئوليتها هي أن تنذر الناس من عذاب يوم القيامة ، الذي مهما تأخر ، فإنه ينتهي إلى الله سبحانه وتعالى.
وفي ضوء ذلك ، فإنها من السور التي تثير اليوم الآخر في جولة كونية وإنسانية وتاريخية ، ليعيش الإنسان الإيمان به من خلال كل هذه الحركة المتنوّعة التي تريد إثارة المسؤولية في الوعي الإنساني ، ليلتقي بها في مواقع الفكر المسؤول الذي يخرج عن أوضاع اللّامبالاة التي تمنعه عن الانفتاح الجدّي على الواقع الغيبي ، الذي ينتظر الناس من أجل أن يحاسبهم على الواقع الحسّيّ الذي عاشوه في الدنيا.
* * *