فكيف يمكن أن تدبّ فيها الحياة من جديد ويكسوها اللحم؟ إنها فرضية لا تخضع للقبول الذهني ، في ما نألفه من الأشياء التي عشنا تجربتها في الحياة ، ولكن ، إذا كان هذا الأمر صحيحا ، فكيف نواجه الموقف ، ونحن على ما نحن عليه من الكفر بالرسول وبالرسالة وباليوم الآخر؟ (قالُوا تِلْكَ إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ) أي رجعة يخسر فيها الإنسان مصيره. وقد يكون هذا الكلام واردا على سبيل الاستهزاء ، وربما كان لونا من ألوان الحيرة الذاتية التي قد يخضع لها الإنسان عند ما يفرض الاحتمال نفسه على الفكر والشعور. وينطلق المنطق القرآني ليردّ عليهم ، فما هي قيمة كل هذا الاستبعاد أمام قدرة الله الذي لا يحتاج إلى أيّ جهد في إعادتهم إلى الحياة؟!
(فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ) تدفعهم وهم أموات إلى الحياة الجديدة ، (فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) مجتمعون على الساهرة ، وهي الأرض المستوية أو الخالية من النبات ، يتطلعون إلى الأفق الرحب أمامها ، بعد أن كانوا في رقادهم الطويل الميت البالي في بطن الأرض. وربما كان هذا قريبا من قول الله سبحانه : (وَما أَمْرُ السَّاعَةِ إِلَّا كَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ) [النحل : ٧٧]
* * *