حركة ، كإرسال الرسول ، أو إثارة الواقع من حوله ، ليهتز الطاغية ، فيسقط الطغيان ، لأن الله لا يريد للناس المستضعفين أن يسقطوا تحت تأثير استكبار المستكبرين ، ولا يسمح لهم أن يعيشوا عقدة الضعف في ذاتهم ، بل يريد لهم أن يتمردوا عليها من أجل أن يحصلوا على مواقع القوّة في ما يتوفر لديهم من الفرص الكثيرة في ذلك.
ولعل التعبير بالطغيان عن واقع فرعون ، كأساس لحركة الرسالة في خطاب الله لموسى ، يوحي بأن المسألة ليست مجرد الفرد الذي ينحرف في فكره وعمله ، ولكنها مسألة التأثير السلبي على حياة الناس في ما يمثله الطغيان من معنى يتعلق بالناس لجهة ما يثيره من مشاكل في حياتهم.
(فَقُلْ هَلْ لَكَ إِلى أَنْ تَزَكَّى) وتتطهّر من قذاراتك الفكرية والروحية والعملية التي علقت بكيانك كلّه ، فأصبح فكرك يحمل قذارة الكفر ، وتلوّثت روحك بقذارة التكبر والتجبر ، وأحاطت بعملك أقذار الظلم والطغيان.
وهكذا كانت رسالته إليه تتحرك بأسلوب الإثارة الإيحائية التي تأخذ معنى الصدمة القاسية بأسلوب هادئ ، فلم يكن فرعون لينتظر أن يخاطبه شخص مثل موسى عليهالسلام ليحدثه عن الوحل الذي يغرق فيه ، وعن الطهارة التي يدعوه إليها ، ولكنها ـ في الوقت نفسه ـ قد تثير بأسلوبها الهادىء بعض الحيرة في نفسه ، وبعض الشك في فكره ، ليراجع أوضاعه من خلال الكلمة ـ الصدمة ـ لأنها جاءت في معرض الطلب الهادىء الخالي من عنصر الإثارة الذي يفتح القضية ، كما لو كانت شيئا يتسلم زمام المبادرة فيه ليقوم به بإرادته ، الأمر الذي يبتعد عن أسلوب الفرض ، فلا يتنافى مع طبيعة الكبرياء في ذاته.
(وَأَهْدِيَكَ إِلى رَبِّكَ فَتَخْشى) وهذا هو الطرح الثاني بعد الأوّل ، فإذا كانت الدعوة إلى الزكاة الروحية هي القضية التي تثير فيه الرغبة في التطهر ، بالمعنى التغييري الذي يتحول فيه عن واقعه المنحرف ، فإن من الضروري أن يفتح