كله نتيجة الخوف من مقام ربه. (وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى) والمراد بالهوى هنا ، ليس كل ما تشتهيه النفس ، لأنها قد تشتهي الأشياء التي تنسجم مع ما يحبه الله ، بل المراد منه الهوى الذي لا يخضع للقاعدة الأخلاقية الشرعية في الإسلام. ولعل إطلاق الكلمة ناشئ من أن العمل الذي يوحي به الالتزام لا يعبّر عنه بالهوى ، لأنه لا ينطلق من إرادة الإنسان باعتباره شهوة ومزاجا نفسيا ، بل من خلال إرادة الالتزام في إيمانه التي تمثل حرية الاختيار في شخصيته. وقد جاء في أصول الكافي بإسناده إلى داود الرقي عن أبي عبد الله جعفر الصادق عليهالسلام ، قال : «من علم أن الله يراه ، ويسمع ما يقول ، ويعلم ما يعمله من خير أو شرّ ، فيحجزه ذلك عن القبيح من الأعمال ، فذلك الذي (خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى)» (١).
فأما هؤلاء (فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى) والسكن الدائم ، لأن طبيعة خوف مقام الله ، ونهي النفس عن الهوى ، تفرض الالتزام بالخط المستقيم الذي يربط الإنسان بالله ، فيكون قريبا إلى رحمته ، في مواقع رضاه.
* * *
__________________
(١) الكليني ، أبو جعفر ، محمد بن يعقوب ، الكافي ، دار الكتب الإسلامية ـ طهران ، ج : ٢ ، ص : ٧٠ ، رواية : ١٠.