عبد الله بن رفاعة ، أنا عليّ بن الحسن الخلعي ، أنا أبو محمد بن النّحّاس ، أنا عبد الله بن الورد ، أنا عبد الرحيم بن عبد الله البرقيّ ، ثنا عبد الملك بن هشام ، ثنا زياد بن عبد الله البكّائيّ ، عن محمد بن إسحاق (١) قال : كانت الأحبار والرّهبان وكهّان العرب قد تحدّثوا بأمر محمد صلىاللهعليهوسلم قبل مبعثه لمّا تقارب من زمانه ، أمّا أهل الكتاب فعمّا وجدوا في كتبهم من صفته وصفة زمانه ، وما كان عهد إليهم أنبياؤهم من شأنه ، وأمّا الكهّان فأتتهم الشياطين بما استرقت من السّمع ، وأنّها قد حجبت عن استراق السّمع ورميت بالشّهب. قال الله تعالى : (وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً) (٢) فلما سمعت الجنّ القرآن من النّبيّ صلىاللهعليهوسلم عرفت أنّها منعت من السّمع قبل ذلك ، لئلّا يشكل الوحي بشيء من خبر السّماء فيلتبس الأمر ، فآمنوا وصدّقوا وولّوا إلى قومهم منذرين.
وعن يعقوب بن عتبة أنّه بلغه أنّ أوّل العرب فزع للرمي بالنّجوم ثقيف ، فجاءوا إلى عمرو بن أميّة (٣) وكان أدهى العرب ، فقالوا : ألا ترى ما حدث؟ قال : بلى ، فانظروا فإن كانت معالم النّجوم التي يهتدى بها وتعرف بها الأنواء هي التي يرمى بها ، فهي والله طيّ الدّنيا وهلاك أهلها ، وإن كانت نجوما غيرها ، وهي ثابتة على حالها ، فهذا أمر أراد الله به هذا الخلق فما هو (٤).
قلت : روى حديث يعقوب بنحوه حصين ، عن الشعبي ، لكن قال : فأتوا عبد يا ليل بن عمرو الثّقفي ، وكان قد عمي (٥).
__________________
(١) السير والمغازي ١١١ ، ١١٢ ، سيرة ابن هشام ١ / ٢٣٤ ، ٢٣٥ ، عيون الأثر ١ / ٥٤ ، ٥٥.
(٢) سورة الجنّ ـ الآية ٩.
(٣) هو أحد بني علاج ، كما في سيرة ابن هشام.
(٤) سيرة ابن هشام ١ / ٢٣٦ ، السير والمغازي ١١٣ وفيه : «فانظر ما هي».
(٥) سيرة ابن كثير ١ / ٤١٧ وعيون الأثر ١ / ٥٥.