وقد جاء غير حديث بأسانيد واهية أنّ غير واحد من الكهّان أخبره رئيه من الجنّ بأسجاع ورجز ، فيها ذكر مبعث النّبيّ صلىاللهعليهوسلم وسمع من هواتف الجانّ من ذلك أشياء.
وبالإسناد إلى ابن إسحاق (١) قال : حدّثني عاصم بن عمر بن قتادة عن رجال من قومه قالوا : إنّ مما دعانا إلى الإسلام مع رحمة الله وهداه لنا ، أنّا كنّا نسمع من يهود ، وكنّا أصحاب أوثان ، وهم أهل كتاب ، وكان لا يزال بيننا وبينهم شرور ، فإذا نلنا منهم قالوا إنّه قد تقارب زمان نبيّ يبعث الآن نقتلكم معه قتل عاد وإرم ، وكنّا كثيرا ما نسمع ذلك منهم ، فلمّا بعث الله رسوله صلىاللهعليهوسلم أجبناه حين دعانا ، وعرفنا ما كانوا يتوعّدوننا به ، فبادرناهم إليه ، فآمنّا به وكفروا به ، ففي ذلك نزل (وَلَمَّا جاءَهُمْ كِتابٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ مُصَدِّقٌ لِما مَعَهُمْ وَكانُوا مِنْ قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا) (٢) الآيات.
حدّثني (٣) صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف ، عن محمود بن لبيد ، عن سلمة بن سلامة بن وقش قال : كان لنا جار يهودي ، فخرج يوما حتى وقف على بني عبد الأشهل ، وأنا أحدثهم سنّا ، فذكر القيامة والحساب والميزان والجنّة والنّار ، قال ذلك لقوم أصحاب أوثان لا يرون بعثا بعد الموت ، فقالوا له : ويحك يا فلان ، أو ترى هذا كائنا (٤) أنّ النّاس يبعثون (٥)! قال : نعم (٦) قالوا : فما آية ذلك؟ قال : نبيّ مبعوث من نحو هذه
__________________
(١) سيرة ابن هشام ١ / ٢٤٥ ، وعيون الأثر ١ / ٥٨.
(٢) سورة البقرة ـ الآية ٨٩.
(٣) القائل هو ابن إسحاق.
(٤) في الأصل «كائن» والتصحيح من سيرة ابن هشام ١ / ٢٤٥.
(٥) في السيرة إضافة «بعد موتهم إلى دار فيها جنة ونار ، يجزون فيها بأعمالهم» ..
(٦) في السيرة إضافة «والّذي يحلف به» ويودّ أن له بحظّه من تلك النار أعظم تنّور في الدار ، يحمونه ثم يدخلونه إيّاه فيطيّنونه عليه ، بأن ينجو من تلك النار غدا. فقالوا له : ويحك يا فلان».