نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ) (١) الآيات. فلما بيّن الله قضاءه وبرّأه من سجع الشيطان انقلب المشركون بضلالتهم وعداوتهم.
وكان عثمان بن مظعون وأصحابه ، فيمن رجع ، فلم يستطيعوا أن يدخلوا مكة إلّا بجوار ، فأجار الوليد بن المغيرة عثمان بن مظعون ، فلما رأى عثمان ما يلقى أصحابه من البلاء ، وعذّب (٢) طائفة منهم بالسّياط والنّار ، وعثمان معافى لا يعرض له ، استحبّ البلاء ، فقال للوليد : يا عمّ قد أجرتني ، وأحبّ أن تخرجني إلى عشيرتك فتبرأ منّي ، فقال : يا بن أخي لعلّ أحدا آذاك أو شتمك؟ قال : لا والله ما اعترض لي أحد ولا آذاني ، فلمّا أبى إلّا أن يتبرّأ منه أخرجه إلى المسجد ، وقريش فيه ، كأحفل ما كانوا ، ولبيد بن ربيعة الشّاعر ينشدهم ، فأخذ الوليد بيد عثمان وقال : إنّ هذا قد حملني على أن أتبرّأ من جواره ، وإنّي أشهدكم أنّي بريء منه ، إلّا أن يشاء ، فقال عثمان : صدق ، أنا والله أكرهته على ذلك ، وهو منّي بريء ، ثم جلس مع القوم فنالوا منه (٣).
قال موسى : وخرج جعفر بن أبي طالب وأصحابه (٤) فرارا بدينهم إلى الحبشة ، فبعثت قريش عمرو بن العاص ، وعمارة بن الوليد بن المغيرة ، وأمروهما أن يسرعا (٥) ففعلا ، وأهدوا للنّجاشيّ فرسا وجبّة ديباج ، وأهدوا العظماء الحبشة هدايا ، فقبل النّجاشيّ هديّتهم ، وأجلس عمرا على سريره ، فقال : إنّ بأرضك رجالا منّا سفهاء ليسوا (٦) على دينك ولا ديننا ، فادفعهم
__________________
(١) سورة الحج ، الآية ٥٢.
(٢) في المنتقى لابن الملّا (وتعذيب).
(٣) دلائل النبوّة للبيهقي ٢ / ٦٢.
(٤) (وأصحابه) ساقطة من الأصل. وانظر الخبر بصيغة أخرى في السير والمغازي ١٧٨ ، ١٧٩ ، وتاريخ الطبري ٢ / ٣٣٨ ـ ٣٤١ ، والمغازي لعروة ١٠٦ ـ ١٠٩.
(٥) في المنتقى لابن الملا (يسيرا).
(٦) كذا في المنتقى لابن الملا. وفي الأصل (ليس).