إلينا ، فقال : حتى أكلّمهم وأعلم على أيّ شيء هم ، فقال عمرو : هم أصحاب الرجل الّذي خرج فينا ، وإنّهم لا يشهدون أنّ عيسى ابن الله ، ولا يسجدون لك إذا دخلوا ، فأرسل النّجاشيّ إلى جعفر وأصحابه ، فلم يسجد له ولا أصحابه وحيّوه بالسّلام ، فقال عمرو : ألم نخبرك بخبر القوم ، فقال النّجاشيّ : حدّثوني أيّها الرّهط ، ما لكم لا تحيّوني كما يحيّيني من أتاني من قومكم ، وأخبروني ما تقولون في عيسى وما دينكم؟ أنصارى أنتم؟ قالوا : لا ، قال : أفيهود أنتم؟ قالوا : لا ، قال : فعلى (١) دين قومكم؟ قالوا : لا ، قال : فما دينكم؟ قالوا : الإسلام ، قال : وما الإسلام؟ قالوا : نعبد الله وحده لا نشرك به شيئا ، قال : من جاءكم بهذا؟ قالوا : جاءنا به رجل منّا قد عرفنا وجهه ونسبه ، بعثه الله كما بعث الرسل إلى من كان قبلنا ، فأمرنا بالبرّ والصّدقة (٢) والوفاء والأمانة ، ونهانا أن نعبد الأوثان ، وأمرنا أن نعبد الله ، فصدّقناه ، وعرفنا كلام الله ، فعادانا قومنا وعادوه وكذّبوه ، وأرادونا على عبادة الأصنام ، ففررنا إليك بديننا ودمائنا من قومنا ، فقال النّجاشيّ : والله إن خرج هذا الأمر إلّا من المشكاة التي خرج منها أمر عيسى ، قال (٣) : وأمّا التحيّة فإنّ رسولنا أخبرنا أنّ تحيّة أهل الجنّة السّلام ، فحيّيناك بها ، وأمّا عيسى فهو عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم ، وروح منه وابن العذراء البتول.
فخفض النّجاشيّ يده إلى الأرض ، وأخذ عودا فقال : والله ما زاد ابن مريم على هذا وزن هذا العود ، فقال عظماء الحبشة : والله لئن سمعت هذا الحبشة لتخلعنّك ، فقال : والله لا أقول في عيسى غير هذا أبدا ، وما أطاع
__________________
(١) في المنتقى لابن الملا (أفعلى).
(٢) في المنتقى لابن الملا (والصدق).
(٣) أي جعفر بن أبي طالب.