محمد بن عبد الرحمن ، أنا يوسف القاضي ، أنا أبو يعلى التميميّ ، ثنا محمد بن إسماعيل الوساوسيّ ، ثنا ضمرة ، عن يحيى بن أبي عمرو الشّيبانيّ ، عن أبي صالح مولى أمّ هانئ ، عن أمّ هاني (١) قالت : دخل عليّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم بغلس (٢) وأنا على فراشي فقال : «شعرت أنّي نمت اللّيلة في المسجد الحرام ، فأتى جبريل فذهب بي إلى باب المسجد ، فإذا دابّة أبيض (٣) ، فوق الحمار ، ودون البغل ، مضطرب الأذنين ، فركبته ، وكان يضع حافره مدّ بصره ، إذا أخذ بي في هبوط طالت يداه ، وقصرت رجلاه ، وإذا أخذ بي في صعود طالت رجلاه وقصرت يداه ، وجبريل لا يفوتني ، حتى انتهينا إلى بيت المقدس ، فأوثقته بالحلقة التي كانت الأنبياء توثق بها ، فنشر لي رهط من الأنبياء ، فيهم إبراهيم ، وموسى ، وعيسى ، فصلّيت بهم وكلّمتهم ، وأتيت بإناءين أحمر وأبيض ، فشربت الأبيض ، فقال لي جبريل : شربت اللّبن وتركت الخمر ، لو شربت الخمر لارتدّت أمّتك ، ثم ركبته إلى المسجد الحرام ، فصلّيت به الغداة». قالت : فتعلّقت بردائه وقلت : أنشدك الله يا بن عمّ ألّا تحدّث بهذا قريشا فيكذّبك من صدّقك ، فضرب بيده على ردائه فانتزعه من يدي ، فارتفع عن بطنه ، فنظرت إلى عكنة فوق إزاره وكأنّه طيّ القراطيس ، وإذا نور ساطع عند فؤاده ، يكاد يختطف بصري ، فخررت ساجدة ، فلمّا رفعت رأسي إذا هو قد خرج ، فقلت لجاريتي نبعة : ويحك اتبعيه فانظري (٤) ، فلمّا رجعت أخبرتني أنّه انتهى إلى قريش (٥) في الحطيم ، فيهم المطعم بن عديّ ، وعمرو بن هشام ، والوليد بن المغيرة ، فقصّ عليهم مسراه ، فقال عمرو كالمستهزئ : صفهم
__________________
(١) هي بنت أبي طالب. (طبقات ابن سعد ١ / ١٤٤).
(٢) الغلس : ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح.
(٣) أي أبيض اللون ، والتذكير باعتبار المركوب ، كما في «إرشاد السّاري لشرح البخاري».
(٤) زاد في عيون الأثر ١ / ١٤١ : «ما ذا يقول وما ذا يقال له».
(٥) في عيون الأثر : «إلى نفر من قريش».