راعينا ، فتروح أغنامهم جياعا ما بها من لبن ، وتروح غنمي لبّنا حفّلا.
فكان صلىاللهعليهوسلم يشبّ في يومه شباب الصّبيّ في الشهر ، ويشبّ في الشهر شباب الصّبيّ في سنة (١) ، قالت : فقدمنا على أمّه فقلنا لها : ردّي علينا ابني فإنّا نخشى عليه وباء مكة ، قالت : ونحن أضنّ شيء به ممّا رأينا من بركته (٢) ، قالت : ارجعا به ، فمكث عندنا شهرين (٣) فبينا هو يلعب وأخوه خلف البيوت يرعيان بها لنا ، إذ جاء أخوه يشتدّ (٤) قال : أدركا أخي قد جاءه رجلان فشقّا بطنه ، فخرجنا نشتدّ ، فأتيناه وهو قائم منتقع اللّون ، فاعتنقه أبوه وأنا ، ثم قال : مالك يا بنيّ؟ قال : أتاني رجلان (٥) فأضجعاني ثم شقّا بطني فو الله ما أدري ما صنعا ، فرجعنا به. قالت : يقول أبوه : يا حليمة ما أرى هذا الغلام إلّا أنه أصيب ، فانطلقي فلنردّه إلى أهله. فرجعنا به إليها ، فقالت : ما ردّكما به؟ فقلت : كفلناه وأدّينا الحقّ ، ثم تخوّفنا عليه الأحداث. فقالت : والله ما ذاك بكما ، فأخبراني خبركما ، فما زالت بنا حتى أخبرناها ، قالت : فتخوّفتما عليه (٦)؟ كلّا والله إنّ لابني هذا شأنا ، إنّي حملت به فلم أحمل حملا قطّ كان أخفّ منه ولا أعظم بركة ، ثم رأيت نورا كأنّه شهاب خرج منّي حين وضعته أضاءت لي أعناق الإبل ببصرى (٧) ، ثم وضعته فما وقع كما يقع الصّبيان ، وقع واضعا يديه بالأرض رافعا رأسه إلى السماء ، دعاه والحقا شأنكما».
__________________
(١) وفي نهاية الأرب ١٦ / ٨٣ : «فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلاما جفرا» أي شديدا غليظا.
(٢) وفي نهاية الأرب ١٧ / ٨٣ ، وعيون الأثر ١ / ٣٤ : «ونحن أحرص شيء على مكثه فيه لما كنّا نرى من بركته».
(٣) في نهاية الأرب ١٦ / ٨٤ ، وعيون الأثر ١ / ٣٤ : «بعد مقدمنا به بأشهر».
(٤) يشتدّ : يسرع في عدوه.
(٥) في نهاية الأرب ١٦ / ٨٤ ، وعيون الأثر ١ / ٣٤ : «عليهما ثياب بيض».
(٦) في نهاية الأرب وعيون الأثر : «أفتخوّفت عليه الشيطان قلت : نعم قالت : كلّا والله ما للشيطان عليه من سبيل».
(٧) في نهاية الأرب وعيون الأثر : «خرج مني نور أضاء له قصور بصرى من أرض الشام».