صبره ، محكماً أمره ، كثيراً ذكره ، يخالط الناس ليعلم ، ويصمت ليسلم ، ويسأل ليفهم ، ويتجر ليغنم ، لاينصت للخبر فيفجر به ، ولا يتكلم الخبرعلى من سواه (١) ، نفسه منه في عناء ، والناس منه في راحة ، أتعب نفسه لاخرته ، وأراح الناس من نفسه ، إن بغي عليه صبر حتى يكون الله هو المنتصر له ، بُعده مما تباعد منه بغض ونزاهة ، ودنوه ممن دنا منه لين ورحمة ، ليس تباعده تكبراً ولاعظمة ، ولا دنوه خديعة ولا مكرآَ ، بل يقتدي بمن كان قبله من أهل الخير ، وهو إمام لمن بعده من أهل البر » (٢).
ومن كتاب المجالس أيضا ، عن البرقي ، ويرفعه إلى أحدهم عليهمالسلام ، قال : « مر أمير المؤمنين صلوات الله عليه وسلامه بمجلس من مجالس قريش ، فإذا هو بقوم بيض ثيابهم ، صافية ألوانهم ، كثير ضحكهم ، يشيرون إلى من مربهم بأصابعهم. ثم مرّ بمسجد الأوس والخزرج ، فإذا أقوام قد بليت منهم الأبدان ، ورقّت منهم الرقاب ، واصفرّت منهم الألوان ، وقد تواضعوا بالكلام. فتعجب أمير المؤمنين عليهالسلام منهم ، ثم دخل على رسول اللهّ صلىاللهعليهوآله فقال : بأبي أنت واُمي ، اني مررت بمجلس لآل فلان ، ثم وصفهم ، ومررت بمجلس للأوس والخزرج ، فوصفهم ، ثم قال : وجميع مؤمنون!فأخبرني ـ يا رسول الله ـ بصفة المؤمن؟
فنكس رسول الله صلىاللهعليهوآله رأسه ، ثم رفعه فقال : عشرون خصلة في المؤمن ، فإن لم يكن فيه لم يكمل إيمانه ، إن من اخلاق المؤمنين ـ يا علي ـ الحاضرون الصلاة ، والمسارعون إلى الزكاة ، [ والحاجون لبيت الله الحرام ، والصائمون في شهررمضان ] (٣) والمطعمون المسكين ، والماسحون رأس اليتيم ، المطهرون أظفارهم (٤) ، المتّزرون على أوساطهم ، الذين إن حدّثوا لم يكذبوا ، وإن وعدوا لم يخلفوا ، وإذا ائتمنوالم يخونوا ، وإن تكلموا صدقوا ، رهبان الليل ، واُسود النهار ، وصائمون النهار ، وقائمون الليل ، لايؤذون جاراً ، ولا يتأذّى بهم جار ، الذين مشيهم على الأرض هوناً ، وخطاهم إلى بيوت الأرامل ، وعلى أثر الجنائز ، جعلنا الله وإياكم من المتقين » (٥)
__________________
١ ـ كذا في الأصل ، وفي الكافي : ولايتكلم ليتجبّربه على من سواه.
٢ ـ الكافي ٢ : ١٧٩ / ١ ، باختلاف يسير.
٣ ـ أثبتناه من أمالي الصدوق.
٤ ـ في الكافي : أطمارهم.
٥ ـ رواه الكليني في الكافي ٢ : ١٨٢ / ٥ ، بسنده عن أحمد بن محمد بن خالد ، عن بعض أصحابنا