باب وصية النبي صلى الله عليه لأبي ذر (١)
قال أبو الأسود الدؤلي : حدثني أبو ذر قال : دخلت ذات يوم على رسول الله صلىاللهعليهوآله في مسجده ، فلم أر في المسجد أحداً من الناس إلاّ رسول الله وعلي صلى الله عليه جالس إلى جانبه ، فاغتنمت خلوة المسجد فقلت : يا رسول الله ـ بأبي أنت واُمي ـ أوصني بوصية ينفعني الله بها ، فقال : « نعم ، وأكرم بك.
يا أباذر ، اعبد الله كأنك تراه ، فإن كنت لاتراه فإنه عز وجل يراك.
واعلم ان اول عبادة الله المعرفة به أنه الأول قبل كل شيء فلا شيء قبله ، والفرد فلا ثاني معه ، والباقي لا إلى غاية ، فاطر السماوات والأرض وما فيهما وما بينهما من شيء ، وهو اللطيف الخبير ، وهو على كل شيء قدير.
ثم الايمان بي ، والاقرار بأن الله عز وجل أرسلني إلى كافة الناس بشيراً ونذيراً وداعياُ إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً ، ثم حب أهل بيتي الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً.
واعلم ـ يا أباذر ـ أن الله جعل أهل بيتي كسفينة النجاة في قوم نوح ، من ركبها نجا ومن رغب عنها غرق ، ومثل باب حطة في بني إسرائيل من دخله كان امناً.
يا أباذر ، إحفظ عني ما اُوصيك به ، تكن سعيداً في الدنيا والآخرة.
يا أباذر ، نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس : الصحة ، والفراغ.
يا أباذر ، اغتنم خمساً قبل خمس : شبابك قبل هرمك ، وصحتك قبل سقمك ، وغناك قبل فقرك ، وفراغك قبل شغلك ، وحياتك قبل مماتك.
يا أباذر ، إياك والتسويف بأملك ، فإنك بيومك ولست بما بعده ، فإن يك غداً لك تكون في الغد كما كنت في اليوم ، وإن لم يك غد لك لم تندم على ما فرطت في اليوم.
يا أباذر ، كم من مستقبل يوماً لايستكمله ، ومنتظرغداً لايبلغه.
يا أباذر ، لو نظرت إلى الأجل ومسيره ، لأبغضت الأمل وغروره.
__________________
١ ـ وردت الوصية في أمالي الطوسي : ٢ : ١٣٨ ، ومكارم الأخلاق : ٤٥٨ ، وتنبيه الخواطر : ٢ : ٥١ ، بأختلاف يسير.