يا أباذر ، كن في الدنيا كأنك غريب أو كعابر سبيل ، وعد نفسك في أهل القبور.
يا أباذر ، إذا أصبحت فلا تحدث نفسك بالمساء ، وإذا أمسيت فلا تحدث نفسك بالصباح ، وخذ من صحتك قبل سقمك ، ومن حياتك قبل مماتك ، فإنك لاتدري ما اسمك غداً.
يا أباذر ، إياك أن تدرك الصرعة عند العثرة ، فلا تمكن من الرجعة ، ولايحمدك من خلفت بما تركت ، ولا يعذرك من تقدم عليه بما فيه إشتغلت.
يا أباذر ما رأيت كالنار نام هاربها ، ولا مثل الجنة نام طالبها.
يا أباذر ، كن على عمرك أشح منك على درهمك ودينارك.
يا أباذر ، هل ينتظرأحد إلا غنى مطغياً (١) ، أوفقراً منسياً ، أو مرضاً مزمناَ ، أوهرماً مفنياً ، أو موتاً مجهداً ، أو الدجال فإنه شر غائب ينتظر ، أو الساعة والساعة أدهى وأمر!
يا أباذر ، إن شر الناس عندالله ـ جل ثناؤه ـ يوم القيامة ، عالم لاينتفع بعلمه ، ومن طلب علماً ليصرف به وجوه الناس إليه ، لم يجد ريح الجنة.
يا أباذر ، إذا سئلت عن علم لا تعلمه فقل : لا أعلم ، تنج من تبعته. ولا تفت الناس بما لاعلم لك به ، تنج من عذاب يوم القيامة.
يا أباذر ، يطلع قوم من أهل الجنة إلى قوم من أهل النار فيقولون : ما أدخلكم النار؟ وإنما دخلنا الجنة بفضل تأديبكم وتعليمكم! فيقولون : كنا نأمر بالمعروف ولانفعله
يا أباذر ، إن حقوق الله أعظم من أن يقوم بها (٢) العباد ، وإن نعم الله عز وجل أكثر من أن يحصيها العباد ، ولكن امسوا تائبين ، وأصبحوا يائسين.
يا أباذر ، إنكم في ممر الليل والنهار ، في آجال منقوصة ، وأعمال محفوظة ، والموت يأتي بغتة ، فمن يزرع خيراً يوشك أن (٣) يحصد رغبة ، ومن يزرع سوءاً يوشك أن يحصد (٤)
__________________
١ ـ في الأصل والأمالي : مطيعاً ، وما أثبتناه من مكارم الأخلاق.
٢ ـ في الأصل : به ، وما أثبتناه من الأمالي.
٣ ـ في الأصل زيادة : كان.
٤ ـ في الأصل تزرع ، وما أثبتناه من الأمالي.