ويضعف فيه المنصف. قال : فقيل له : متى يا أمير المؤمنين؟ فقال : « إذا اتخذت الأمانة مغنماً ، والزكاة مغرماً ، والعبادة استطالة ، والصلة مناً. فقيل : متى ذلك ، يا أمير المؤمنين؟ فقال : إذا تسلطن النساء ، وتسلطن ألأماء ، واُمّر الصبيان » (١).
عن سعيد بن المسيب قال : كان علي بن الحسين ـ صلوات الله عليه ـ يعظ الناس ويزهدهم في الدنيا ويرغبهم في الاخرة ـ بهذا الكلام ـ في كل جمعة ، في مسجد الرسول ـ صلىاللهعليهوآله ـ وحفظ عنه وكُتب ، كان يقول :
« ايّها الناس ، اتقوا الله ، واعلموا أنكم إليه ترجعون ، فتجد كل نفس ما عملت في هذه الدنيا من خير محضراً ، وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمداً بعيداً ، ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد.
ويحك ، يا ابن آدم الغافل ، وليس بمغفول عنه ، ابن آدم ، إن أجلك أسرع شيء إليك ، قد أقبل نحوك حثيثاً يطلبك ، ويوشك أن يدركك ، وكأن قد أوفيت أجلك ، وقبض الملك روحك ، وصيرت إلى قبرك وحيداً ، فردّ إليك فيه روحك ، واقتحم عليك فيه ملكان ـ ناكر ونكير ـ لمساءلتك وشديد امتحانك ، ألا وإن أول مايسألانك عن ربك الذي كنت تعبد ، وعن نبيك الذي أُرسل إليك ، وعن دينك الذي كنت تدين به ، وعن كتابك الذي كنت [ تتلوه ، وعن إمامك الذي كنت ] (٢) تتولاه ، ثمعن عمرك فيما أفنيته ، ومالك من أين اكتسبته وفيما أنفقته ، فخذ حذرك وانظر لنفسك ، وأعدّ الجواب قبل الإمتحان والمسألة والاختبار ، فإن تكن مؤمناً عارفاً بدينك ، متّبعاً للصادقين ، موالياً لأولياء الله ، لقّاك الله حجتك ، وأنطق لسانك بالصواب ، وأحسنت الجواب ، وبشرت بالجنة والرضوان من الله ـ جل وعز ـ واستقبلتك الملائكة بالروح والريحان. وإن لم تكن كذلك تلجلج لسانك ، ودحضت حجتك ، وعييت عن الجواب ، وبشرت بالنار ، فاستقبلتك ملائكة العذاب بنزل من حميم (٣) وتصلية جحيم.
واعلم ـ ابن ادم ـ أن من وراء هذا أعظم وأفظع وأوجع للقلوب يوم القيامة ، ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود ، يجمع الله تعالى فيه الأولين
__________________
١ ـ الكافي ٨ : ٦٩ / ٢٥ ، تنبيه الخواطر ٢ : ٤٧.
٢ ـ ما بين المعقوفين أثبتناه من الكافي وتنبيه الخواطر.
٣ ـ الحميم : الماء الحار الشديد الحرارة ، يسقى منه أهل النار ، أويصب على أبدانهم « مجمع البحرين ـ حمم ـ ٦ : ٥٠ ».