والاخرين ، يوم ينفخ في الصور ، وتبعثر فيه القبور ، ذلك يوم الازفة إذ القلوب لدى الحناجر كاظمين ، ذلك يوم لاتقال فيه عثرة ، ولا يؤخذ من أحد فدية ، ولا تقبل منه معذرة ، ولا لأحد فيه مستقل لقدمه (١) ، ليس إلا الجزاء بالحسنات والجزاء بالسيئات ، فمن كان من المؤمنين عمل مثقال ذرة من خير وجده ، ومثقال ذرة من شر وجده.
فاحذروا ـ أيها الناس ـ من الذنوب والمعاصي ما قد نهاكم الله عز وجل عنها ، وحذركموها في كتابه الصادق والبيان الناطق ، ولا تأمنوا مكر الله وتحذيره ، عندما يدعوكم الشيطان الرجيم اللعين إليه ، من عاجل الشهوات واللذات في هذه الدنيا ، فإن الله جل وعز يقول : ( إن الذين اتقوا إذا مسهم طائف من الشيطان تذكروا فإذا هم مبصرون ) (٢).
فأشعروا قلوبكم (٣) خوف الله عز وجل ، وتذكروا بما قد وعدكم الله عز وجل في مرجعكم إليه ، من حسن ثوابه ، كما خوفكم شديد العقاب ، فإنه من خاف شيئاً حذره ، ومن حذر شيئاً تركه ، ولا تكونوا من الغافلين المائلين إلى زهرة الحياة الدنيا [ الذين مكروا السيئات فإن الله عز وجل يقول في محكم كتابه : ] (٤) ( أفأمن الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض أو يأتيهم العذاب من حيث لايشعرون * أو يأخذهم في تقلبهم فما هم بمعجزين * أو يأخذهم على تخوّف فإن ربكم لرؤوف رحيم ) (٥).
فاحذروا ما حذركم الله ، بما فعل بالظلمة في كتابه ، ولا تأمنوا أن ينزل بكم بعض ما تواعد به القوم الظالمين في الكتاب ، تالله لقد وعظكم الله بغيركم ، فإن السعيد من وعظ بغيره ، ولقد أسمعكم الله ـ جل وعز ـ في كتابه ، بما فعل بالقوم الظالمين من أهل القرى قبلكم ، حيث قال تبارك وتعالى : ( وكم قصمنا من قرية كانت ظالمة ) (٦) وإنما عنى بالقرية أهلها ، حيث قال : ( وأنشأنا بعدها قوما اخرين ) (٧) وقال عز وجل ( فلما أحسوا بأسنا إذا هم منها يركضون ) (٨) يعني يرهبون ، قال : ( لاتركضوا وارجعوا إلى ما أترفتم فيه
__________________
١ ـ في الكافي : مستقبل توبة.
٢ ـ الأعراف ٧ : ٢٠١.
٣ ـ في ألأصل : أقاربكم ، وما أثبتناه من الكافي.
٤ ـ ما بين المعقوفين أثبتناه من الكافي وتنبيه الخواطر.
٥ ـ النحل ١٦ : ٤٥ ـ ٤٧.
٦ ، ٨ ـ الأنبياء ١٦ : ٤٥ ـ ٤٧.