وبصرك ، واطو قلبك ولسانك عن المحارم ، وكف طرفك عما لاخير فيه ، فكم ناظر نظرة قد زرعت في قلبه شهوة ، ووردت به موارد حياض الهلكة.
يا عيسى ، كن رحيماً مترحّماً ، وكن كما تشاء أن تكون العباد لك ، وأكثر ذكر الموت ومفارقة الأهلين ، ولا تله فإن الله ويفسد صاحبه ، ولا تغفل فإن الغافل منّي بعيد ، واذكرني بالصالحات أذكرك.
يا عيسى ، تب إليّ بعد الذنب ، وذكر بي الأوّابين ، وآمن بي ، وتقرب إلى المؤمنين ، ومُرهم يدعوني معك ، وإياك ودعوة المظلوم ، فإني اليت على نفسي أن أفتح لها باباً من السماء بالقبول ، وأن اجيبه ولو بعد حين.
يا عيسى ، إعلم أن صاحب السوء يغوي ، وان قرين السوء يُردي ، وإعلم من تقارن ، واختر لنفسك أعواناً من المؤمنين.
يا عيسى ، تب إليّ فإني لا يتعاظمني ذنب أن اغفره ، وأنا أرحم الراحمين ، اعمل لنفسك في أيام مهلتك ، قبل حلول أجلك ، وقبل أن لا يعمل لها غيرك واعبدني ليوم هو كألف سنة مما تعدون ، أجزي بالحسنة أضعافها ، فإن السيئة توبق (١) صاحبها ، وامهد لنفسك في مهلة ، ونافس في العمل الصالح ، فكم من مجلس قد نهض أهله وهم مجارون من النار.
يا عيسى ، ازهد في الفاني المنقطع ، وطأ رسوم من كان قبلك ، فادعهم وناجهم هل تحس منهم أحداً؟ فخذ موعظتك منهم ، واعلم أنك ستلحقهم في المتلاحقين.
يا عيسى ، قل لمن تمرد عليّ بالعصيان ، وعمل بالإدهان : ليتوقع عقوبتي ، وينتظر إهلاكي إياه ، سيصطلم مع الهالكين.
طوباك يا ابن مريم طوباك ، إن أخذت بأدب إلهك الذي يتحنّن عليك مترحّما ، وبدأك بالنعم منه متكرماً ، وكان لك في الشدائد ، لأتعصه ـ يا عيسى ـ فإنه لا يحل لك عصيانه ، قد عهدت إليك كما عهدت إلى من كان قبلك ، وأنا على ذلكمن الشاهدين.
يا عيسى ، اغسل بالماء منك ما ظهر ، وداو بالحسنات منك ما بطن ، فإنك إليَّ راجع.
__________________
١ ـ في الأصل : توثق ، وما أثبتناه من الكافي ، وأوبقه : أهلكه « الصحاح ـ وبق ـ ٤ : ١٥٦٢ ».